للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مال يميل، وسال يسيل، ومشى يمشي، ورمى يرمي، وذلك لأن ذوات الواو والياء/ تعتل؛ فتنقلب حروفها على قدر حركات ما قبلها، فلو أجيز فيهما ما أجيز في الصحيح لتغير لفظ الحرف وخطه، بتغير حركته، فانقلبت الواو ياء، والياء واواً فلم تعرف ذوات الواو من ذوات الياء، والصحيح إذا استعمل فيه الضم والكسر لم تتغير حروفه بتغير الحركات، ولا يدخل باب منه في باب آخر، ولا يلتبس.

وحروف الحلق ستة: "الهاء، والهمز، والعين، والغين، والحاء، والخاء" فإن اجتمعت الواو والياء في العين واللام من فعل كقولهم: ذوى يذوي وغوى يغوي، كسرت العين من مستقبله، من أجل أن لام الفعل ياء معتلة؛ لئلا يعتل الحرفان جميعاً، أُجْرِي مُجْرَى ما صحت عينه، وكذلك إن كانت الواو عين الفعل أو لامه صحت العين بمثل قَوِي يقوى؛ لأنه من القوة، وإنما كان آخر الكلمة بالعلة أولى من العين؛ لأنه في موضع الإعراب، واختلاف الحركات، فهو أضعف.

فمما جاء من ذوات الواو والياء مع حروف الحلق ففتح قولهم: سعى يسعى، ورعى يرعى، ورأى يرأى، ولولا حروف الحلق لكان مثل رمى يرمي، وكذلك قولهم: لحى يلحَى، بفتح الحاء، وقد قيل فيه: يَلْحُوا، بالواو على الأصل مثل يلهو. وقولهم: شآه يشآه؛ أي سبقه، وفآه بالسيف يفآه؛ أي فلق رأسه، وهما من الواو، ولولا الهمزة لكانت عين الفعل منه مضمومة.

وقد شذت من كلامهم كلمة عما وصفنا، فتحوا منها المستقبل والماضي، وليست عينها ولا لامها من حروف الحلق، وهي قولهم: أبَى يأبى، وأجمعوا على ذلك؛/ فزعم سيبويه أنهم فعلوا ذلك؛ لأن في أولها همزة، وهذا غلط منهم؛ لأن فاء الفعل بعيدة عن لامه. وزعم أبو العباس المبرد أنهم إنما فعلوا ذلك؛ لأنهم لما فتحوه صاروا إلى حرف حلقيّ، وهو الألف. وهذا فاسد؛ لأنه يوجب مثله في كل ما اعتلت لامه، وليست الألف من الحروف الحلقية، ولا لها معتمد في حلق ولا غيره، لأنها من الحروف الهاوية في الجوف. وإنما

<<  <   >  >>