للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شدهت وبيت الله إذ جاء نعيه

فهذا لا يكون شغلا، إنما يكون تحيراً ودهشاً وغماً، ونحو ذلك.

وأما قوله: ثلج بخبر أتاه يثلج به؛ فهو من باب ما كسر ثاني ماضيه، وإنما اعترض به في هذا الباب اعتراضاً؛ لأن لفظه ولفظ "ثلج فؤاده" مشتقان من معنى واحد؛ لأن الأصل فيه أن يقال: ثلجت فؤاده بالخبر، فثلج به، أي بردته فبرد،/ فأنت فاعل، وهو منفعل، فإذا لم يسم فاعله قيل: ثلج فؤاده على هذا الباب، فلو جعلت فؤاده هو المنفعل فقلت: ثلج فؤاده بالخبر، كما تقول: ثلج هو بالخبر، لكان صواباً أيضاً.

وأما قوله: نفست عليك، فإنا أيضاً ليس من هذا الباب، وقد اعترض به، ولكن اشتقاقه واشتقاق "نُفِست المرأة" من فعل واحد، وإن كان أحدهما قد سمي فاعله، والآخر لم يسم فاعله، فاشتبه لفظهما، وإن اختلف في غير ذلك معنياهما.

وأما قوله: وإذا أمرت من هذا الباب كله كان باللام كقولك: لتعن بحاجتي، فإنما أراد أنك إنما تأمر غائباً بالعناية، ولست تأمر المخاطب، فتستغني بخطابه ومواجهته، عن حرف المضارعة، وحرف الأمر، كما تستغني في المواجهة والمأمور عن ذلك. وإنما تأمر الفاعل الذي لم تسمه، فهو غائب، والغائب غير مواجه، ولا مخاطب، فلا يستغنى عن حرف المضارعة، الدال عليه، وعن حرف الأمر، المفرق بين الأمر والخبر، كقولك في الأمر للمواجه: اذهب، واقعد، وللغائب: ليذهب، وليقعد، فلما كان المخاطب في هذا الباب مفعولاً، وفاعله غير مواجه بالأمر، ولا مذكور مع الفعل، جعل في فعله حرف الأمر. وقد يؤتى بهذا اللام في أمر المواجه أيضاً؛ لأن فاعله مسمى معه، وهو الأصل، كما يؤتى بلا النهي كما قال الله عز وجل: (فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) لأن التاء حرف الخطاب، وهي تدل على الفاعل المضمر في الفعل، وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه.

فأما قوله: لتعن بحاجتي، فإن الأصل فيه: تعنى؛ بألف، على/ لفظ الخبر؛ لأنه فعل مستقبل، لم يسم فاعله، والتاء في قوله للمخطاب، لا للفاعل؛ لأن فاعله غير مسمى،

<<  <   >  >>