والعرب تقول للمرأة إذا حاضت: قد نفست، والنفس عندهم الدم؛ ولذلك قيل، إذا وقع في الماء فمات شيء لا نَفْس له، مثل الذباب، أي لا دم له؛ فهو طاهر. وإنما سمي الدم نفسا لنفاسته، في البدن، وقوام الروح والبدن به. والعامة تقول للنفساء: قد نفست، بفتح الأول، تجعل الفعل لها، وهو خطأ.
وأما قوله: نفست عليك بالشيء، أنفس نفاسة، فمعناه ضننت عليك به. وهذا شيء منفوس به، وهو منفس أيضاً. كما قال الشاعر، وهو النمر بن تولب:
لا تجزعي إن منفس أهلكته وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
أي لا تجزعي إن أهلكت شيئاً، له نفاسة، فأنفقته. وهذا وما قبله من أصل واحد، لأن الولد له نفاسة، وهو مما ينفس به، فلذلك قيل له: منفوس به.
وأما قوله: وإذا أمرت من هذا الباب كله، كان باللام، فإنما يعني أن الفعل ليس للمأمور، وإنما هو لغيره، والغائب لا يؤمر، كما يقال للمخاطب المواجه: افعل، ولا يحذف من فعله حرف المضارعة، فإذا ثبت حرف المضارعة لم يجز أن يبنى، فاستحق الإعراب، ولا يكون مجزوما إلا بدخول الجازم عليه، وهو اللام؛ لأنه حرف الأمر، وفعل المخاطب أيضا، إذا لم يحذف منه حرف المضارعة، لم يكن فيه بد من حرف الأمر الجازم له، إذا كان مأموراً. وإن كان حذف اللام والتاء جائزاً فيه. فأما الغائب فلا يكون إلا كما بينا. وقد شرحنا هذا في /أول الباب أيضا، فهذا آخر هذا الباب الرابع.