للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه أتى بالمصدر على فعل، بفتح الفاء والعين، فهذا يدل على أن الفعل منه كما قال الخليل. وقد ذكر ثعلب هذا الفعل بعينه في الرجل، إذا سر بخبر أتاه، وليس بين المعنيين فرق؛ إلا أن البرد قد أفرط على الأول، حتى فتر عن كل شيء، وأن هذا أصابه منه قدر ما التذ به. وفي الحديث: "من أحب أن يجد في قلبه ثلج اليقين"،/ بفتح الأول والثاني.

وأما قوله: امتقع لونه، أي تغير، فهو على بناء افتعل، إلا أنه مما لم يسم فاعله أيضاً، فهو مضموم الأول، ومعناه ذهاب الدم من الوجه وغئوره في البدن، لأنه من المقع، وهو شدة شرب الفصيل لبن أمه، ولو ذكر الفاعل مع فعله لقيل: امتقع الخوف لونه: أو التعب أو السهر أو المرض، ونحو ذلك، ولكن الفعل بغير الفاعل واللون مفعول لم يسم فاعله. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول فيه: انتقع لونه؛ بفتح التاء والقاف وبالنون، ولا يعرفون الميم، ومن عرف منهم الميم فتح أيضاً الميم والقاف، فيجعلون الفعل للون، وهو خطأ. وكذلك هو بالنون والهاء، بضم التاء، وكسر القاف، وقد انتُقِع واهتُقِع.

وأما قوله: انقطع به فمعناه انقطعت به نفقته في سفره أو نحو ذلك من الحوادث، والفعل لغيره، وهو مفعول لم يسم فاعله. وإنما المنقطع ما ذهب منه، ولكن فعله يتعدى إلى المفعول بحرف جر؛ لأنه بمعنى الانفعال، لازم. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول: انقطع به، بفتح القاف والطاء، وتظن أن الفعل للرجل، وهو خطأ. وإنما يجوز ذلك، إذا سمى الفاعل معه، فقيل: انقطعت به نفقته ونحو ذلك.

وأما قوله: نُفست المرأة غلاما، وهي نُفساء، والمولود منفوس فإن معناه ولدت، أو أُولدت، ولكنه فعل مفعول، لم يسم فاعله. وأما الغلام، فإنه وإن نصب، فمعناه بغلام، ولكن الباء قد حذفت تخفيفاً، وعدي الفعل إلى الغلام، وهو لا يتعدى في الأصل إلا بحرف جر. وقوله: للغلام منفوس/ أيضا، إنما أصله منفوس به، ولكن حذفت منه "به" وكل ما نُفس به من شيء، أي ضن به، فهو نفيس، أي كريم له نفاسة

<<  <   >  >>