للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأُوْلَى: غَيْرُ وَافِيَةٍ بِتَمَامِ الْمُرَادِ، أَوْ كَغَيْرِ الْوَافِيَةِ، حَيْثُ يَكُوْنُ فِي الْوَفَاءِ قُصُوْرٌ مَّا أَوْ خَفَاءٌ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ؛ فَإِنَّهَا وَافِيَةٌ كَمَالَ الْوَفَاءِ، وَالْمَقَامُ يَقْتَضِي اعْتِنَاءً بِشَأْنِهِ- أَيْ شَأْنِ الْمُرَادِ - لِنُكْتَةٍ؛ كَكَوْنِهِ مَطْلُوْباً فِيْ نَفْسِهِ؛ نَحْوُ: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشّعراء: ١٣٢ - ١٣٤]؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّنْبِيْهُ عَلَى نِعَمِ اللهِ تَعَالَى.

وَالثَّانِيَ - أَعْنِيْ: (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ) - أَوْفَى بِتَأْدِيَةِ الْمُرَادِ الَّذِيْ هُوَ التَّنْبِيْهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نِعَمِ اللهِ بِالتَّفْصِيْلِ مِنْ غَيْرِ إِحَالَةٍ عَلَى عِلْمِ الْمُخَاطَبِيْنَ الْمُعَانِدِيْنَ، فَوِزَانُهُ وِزَانُ (وَجْهُهُ) فِيْ: (أَعْجَبَنِيْ زَيْدٌ وَجْهُهُ)؛ لِدُخُوْلِ الثَّانِيْ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ (مَا تَعْلَمُوْنَ) يَشْمَلُ (الْأَنْعَامَ) وَغَيْرَهَا (١).

٣ - أَوْ لِكَوْنِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ بَيَاناً لَهَا - أَيْ لِلْأُوْلَى - لِخَفَائِهَا؛ نَحْوُ: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: ١٢٠]؛ فَإِنَّ وِزَانَ (قَالَ: يَا آَدَمُ) وِزَانُ (عُمَرَ) فِيْ قَوْلِهِ: [الرّجز]

أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُوْ حَفْصٍ عُمَرْ ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (٢)


(١) بدل بعض من كلّ، حيثُ الجملةُ الثّانية فصّلَت بعضَ النِّعَم التي أجملتها الأولى.
(٢) والرَّجَز بتمامه:
أقسَمَ بالله أبو حَفْصٍ عُمَرْ ... ما إنْ بها مِنْ نَقَبٍ ولا دَبَرْ

اغفرْ له اللَّهُمَّ إنْ كانَ فَجَرْ

والنَّقَب: رقّة الأخفاف، الدَّبَر: قرحة الدّابّة، فَجَرَ: كَذَب. ومَبْعَثُ الرّجز: ما رُوي من أنّ أعرابيّاً أتى عمرَ - رضي الله عنه- فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنّ أهلي بعيد، وإنّي على ناقة دبراء نقباء، فاحملني. فقال عمر: كذبت، واللهِ ما بها نَقَبٌ ولا دَبَر. فانطلق الأعربيُّ فحلَّ ناقته ثم استقبل البطحاء، وجعل يُنشِد الرَّجز السَّابق، حتَّى أتاهُ عمرُ، وتبيّنَ صِدقَه، وحَمَلَه.

وهو بلا نسبة في تأويل مشكل القرآن ص ٣٣٩، والحُلل في شرح الجُمل ص ١٣٣، والكشَّاف ٥/ ٦٠٣، والإيضاح ٣/ ١١٣، وابن عقيل ٢/ ٢١٩، وشرح أبيات المفصَّل والمتوسِّط ص ٣١٠، ومعاهد التَّنصيص ١/ ٢٧٩، وخزانة البغداديّ ٥/ ١٥٤، وزعم ابن يعيش ٣/ ٧١ أنّ الرّجز لرؤبة، وقلتُ: نسبته مدفوعة؛ لأنّ رؤبة مات سنةَ خمسٍ وأربعين ومئة، وعمرُ مات سنة ثلاث وعشرين! والرَّجز ليس في ديوانه، وقال البغداديّ في خزانته ٥/ ١٥٦: «وهذا الرّجزُ نسبَه ابنُ حَجَر في الإصابة إلى (عبد الله بن كَيْسَبة) بفتح الكاف وسكون المثنّاة التَّحتيَة وفَتْح المهملة بعدها باء ... ».

<<  <   >  >>