للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا تَعْجَبِيْ يَا سَلْمُ مِنْ رَجُلٍ ... ضَحِكَ الْمَشِيْبُ بِرَأْسِهِ فَبَكَى (١)

فَظُهُوْرُ الشَّيْبِ لَا يُقَابِلُ الْبُكَاءَ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالضَّحِكِ الَّذِيْ مَعْنَاهُ الْحَقِيْقِيُّ مُقَابِلٌ لِلْبُكَاءِ، وَيُسَمَّى هَذَا الثَّانِيَ إِيْهامَ التَّضَادِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ قَدْ ذُكِرَا بِلَفْظَيْنِ مُوْهِمَيْنِ بِالتَّضَادِّ؛ نَظَراً إِلَى الظَّاهِرِ.

وَيَدْخُلُ فِي الطِّبَاقِ مَا يَخْتَصُّ بِاسْمِ الْمُقَابَلَةِ: وَقَدْ جَعَلَهُ السَّكَّاكِيُّ وَغَيْرُهُ قِسْماً بِرَأْسِهِ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيْعِيَّةِ (٢).

وَهُوَ: أَنْ يُؤْتَى بِمَعْنَيَيْنِ مُتَوَافِقَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يُؤْتَى بِمَا يُقَابِلُ ذَلِكَ الْمَذْكُوْرَ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَوَافِقَيْنِ أَوِ الْمَعَانِي الْمُتَوَافِقَةِ عَلَى التَّرْتِيْبِ، فَيَدْخُلُ فِي الطِّبَاقِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ.

- فَمُقَابَلَةُ الِاثْنَيْنِ بِالِاثْنَيْنِ: نَحْوُ: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التّوبة: ٨٢] أَتَى بِالضَّحِكِ وَالْقِلَّةِ الْمُتَوَافِقَيْنِ، ثُمَّ بِالْبُكَاءِ وَالْكَثْرَةِ الْمُقَابِلَيْنِ لَهُمَا.

- وَمُقَابَلَةُ الثَّلَاثَةِ بِالثَّلَاثَةِ: كَقَوْلِهِ: [البسيط]

مَا أَحْسَنَ الدِّيْنَ وَالدُّنْيَا إِذَا اجْتَمَعَا ... وَأَقْبَحَ الْكُفْرَ وَالْإِفْلَاسَ بِالرَّجُلِ (٣)

أَتَى بِـ (الْحُسْنِ، وَالدِّيْنِ، وَالْغِنَى)، ثُمَّ بِمَا يُقَابِلُهَا مِنَ (الْقُبْحِ، وَالْكُفْرِ، وَالْإِفْلَاسِ) عَلَى التَّرْتِيْبِ.


(١) لدِعْبِل الخُزاعيّ في ديوانه ص ٢٠٤، وعيار الشّعر ص ١٢٤، ونقد الشّعر ص ١٤٥، والوساطة ص ٤٤، والإعجاز والإيجاز ص ٢٢٤، وأسرار البلاغة ص ٢٩٤، وقانون البلاغة ص ٨٥، والبديع في نقد الشّعر ص ٦٥، وتحرير التّحبير ص ١١٣، والإيضاح ٦/ ١٥، وخزانة الحمويّ ٢/ ٧٦، ونفحات الأزهار ص ٤٠، وبلا نسبة في الصّناعتين ص ٣٠٨.
(٢) انظر: الصّناعتين ص ٣٣٧، والعمدة ١/ ٥٨٣، ومفتاح العلوم ص ٥٣٣.
(٣) لأبي دُلامة الأسدي في ديوانه ص ٧٧، والعمدة ١/ ٥٨٦، وتحرير التحبير ص ١٨١، والإيضاح ٦/ ١٧، ومعاهد التنصيص ٢/ ٢٠٧، وبلا نسبة في إيجاز الطراز ص ٤١٥، والقول البديع ص ١٢٣.

<<  <   >  >>