للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيْ: إِنْ كَانَ فُلُوْلُ السَّيْفِ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ مِنْ قَبِيْلِ الْعَيْبِ. فَأَثْبَتَ شَيْئاً مِنَ الْعَيْبِ عَلَى تَقْدِيْرِ أَنَّ فُلُوْلَ السَّيْفِ مِنْهُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ؛ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى تَعْلِيْقٌ بِالْمُحَالِ؛ كَقَوْلِهِ: (حَتَّى يَبْيَضَّ الْقَارُ)، فَالتَّأْكِيْدُ فِيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ.

وَالثَّانِيْ: أَنَّ الْأَصْلَ فِيْ مُطْلَقِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُوْنَ مُتَّصِلاً، فَإِذَا نَطَقَ الْمُتَكَلِّمُ بِـ (إِلَّا) وَنَحْوِهَا، تَوَهَّمَ السَّامِعُ - قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ بِمَا بَعْدَهَا -[أَنْ يَأْتِيَ] (١) بَعْدَهَا مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهَا، فَيَكُوْنَ شَيْءٌ مِنْ صِفَةِ الذَّمِّ ثَابِتاً، وَهَذَا ذَمٌّ، فَإِذَا أَتَتْ بَعْدَهَا صِفَةُ مَدْحٍ تَأَكَّدَ الْمَدْحُ؛ لِكَوْنِهِ مَدْحاً عَلَى مَدْحٍ، وَكَانَ فِيْهِ نَوْعٌ مِنَ الْخِلَابَةِ (٢).

- وَالثَّانِي: أَنْ يُثْبَتَ لِشَيْءٍ صِفَةُ مَدْحٍ، وَيُعَقَّبَ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ يَلِيْهَا صِفَةُ مَدْحٍ أُخْرَى لَهُ؛ كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ، بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْش» (٣)؛ فَـ (بَيْدَ) بِمَعْنَى غَيْر، وَهُوَ أَدَاةُ الِاسْتِثْنَاءِ. وَأَصْلُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي هَذَا الضَّرْبِ أَنْ يَكُوْنَ مُنْقَطِعاً، لَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى حَالِهَ لَمْ يُقَدَّرْ مُتَّصِلاً، فَلَا يُفِيْدُ التَّأْكِيْدَ إِلَاّ مِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي مِنَ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُوْرَيْنِ؛ (وَهُوَ أَنَّ ذِكْرَ


(١) د: أنّ ما يأتي.
(٢) الخِلابة: الخديعة.
(٣) انظر: مجالس ثعلب ١/ ١١، والصّاحبيّ ص ٤١، والفائق ١/ ١١ - ١٤١، واللّسان (بيد، ميد).

<<  <   >  >>