للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُسْتَلْزِمَةً لِلْمَطْلُوْبِ (١)؛ نَحْوُ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، وَاللَّازِمُ - وَهُوَ فَسَادُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ (٢) خُرُوْجُهُمَا عَنِ النِّظَامِ الَّذِيْ هُمَا عَلَيْهِ، فَكَذَا الْمَلْزُوْمُ، وَهُوَ تَعَدُّدُ الْآلِهَةِ (٣)، وَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مِنَ الْمَشْهُوْرَاتِ الَّتِيْ يُكْتَفَى بِهَا فِي الْخِطَابِيَّاتِ دَوْنَ الْقَطْعِيَّاتِ الْمُعْتَبَرَةِ في الْبُرْهَانِيَّاتِ (٤).

وَالتَّعْلِيْلِ: أَيْ: (حُسْنِ التَّعْلِيْلِ)، وَهُوَ: أَنْ يُدَّعَى لِوَصْفٍ عِلَّةٌ مُنَاسِبَةٌ لَهُ، بِاعْتِبَارٍ لَطِيْفٍ غَيْرِ حَقِيْقِيٍّ، أَيْ لَا يَكُوْنُ مَا اعْتُبِرَ عِلَّةً (٥) لَهُ فِي الْوَاقِعِ؛ كَمَا إِذَا قُلْتَ: (قَتَلَ فُلَانٌ أَعَادِيَهُ؛ لِدَفْعِ ضَرَرِهِمْ)، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ حُسْنِ التَّعْلِيْلِ. وَهَذَا أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي ادُّعِيَ لَهَا [عِلَّةٌ] (٦) مُنَاسِبَةٌ، إِمَّا ثَابِتَةٌ قُصِدَ بَيَانُ عِلَّتِهَا، أَوْ غَيْرُ ثَابِتَةٍ أُرِيْدَ إِثْبَاتُهَا.

وَالْأُوْلَى (٧):

١ - إِمَّا أَلَّا يَظْهَرَ لَهَا فِي الْعَادَةِ عِلَّةٌ؛ كَقَوْلِهِ: [الكامل]


(١) أي: أنْ يُدلِّلَ المتكلِّمُ على مطلوبِه بمقدِّماتٍ يستلزمُ التِّسليمُ بها التَّسليمَ بهذا المطلوب.
(٢) أي: بفساد السَّماوات والأرض.
(٣) أي: فكذا الملزومُ، وهو تعدُّدُ الآلهة باطلٌ أيضاً.
(٤) يُطلَقُ على هذا الفنِّ مصطلحاتٌ عدّةٌ؛ أشهرُها: المذهب الكلاميّ؛ كما في التّلخيص ص ١٠٣، أو الاحتجاج النَّظريّ كما في مقدِّمة تفسير ابن النَّقيب ص ٢٨٥، أو إلجام الخصم بالحُجّة كما في البُرهان في علوم القرآن ٣/ ٤٦٨. ولعلَّ النَّاظمَ اضطُّرَّ بسبب الوزن والاختصار إلى تسمية هذا الفنّ بالبحث، وما وجدتُ مَن سمَّاه هكذا من قبلُ. ولا شَكَّ أنَّ العلاقةَ بينَ تسميةِ النَّاظم وبينَ حقيقةِ هذا الفنِّ ظاهرةٌ؛ لأنَّ هذا الفنَّ يقومُ على إيرادِ حُجَّةٍ على طريقةِ أهل البحث والكلام، وهناك علمٌ اسمُه علمُ البحث والمناظرة، وهو جزءٌ من علم المنطق، والمذهب الكلاميّ أصلاً يقومُ على سوقِ الكلام بحُجّة على طريقة أهل المناظرة والبحث والمنطق.
(٥) خبر يكون.
(٦) ليس في صل، ب، د، جز: بل زيادة اقتضاها السّياق.
(٧) أي: الثّابتة المقصود بيان عِلَّتها.

<<  <   >  >>