للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَدَحَهُ بِالنِّهَايَةِ فِي الشَّجَاعَةِ؛ حَيْثُ جَعَلَ قَتْلَاهُ بِحَيْثُ يَخْلُدُ وَارِثُ أَعْمَارِهِمْ، عَلَى وَجْهٍ اسْتَتْبَعَ مَدْحَهُ بِكَوْنِهِ سَبَباً لِصَلَاحِ الدُّنْيَا وَنِظَامِهَا؛ إِذْ لَا تَهْنِئَةَ لِأَحَدٍ بِشَيْءٍ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيْهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيْسَى الرَّبْعِيُّ (١):

«وَفِي الْبَيْتِ وَجْهَانِ آخَرَانِ مِنَ الْمَدْحِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَهَبَ الْأَعْمَارَ دُوْنَ الْأَمْوَالِ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عُلُوِّ الْهِمَّةِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ظَالِماً فِيْ قَتْلِهِمْ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِلدُّنْيَا سُرُوْرٌ بِخُلُوْدِهِ» (٢).

وَمِنْهَا: (الْإِدْمَاجُ) (٣): وَهُوَ أَنْ يُضَمَّنَ كَلَامٌ سِيْقَ لِمَعْنًى - مَدْحاً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - مَعْنًى آخَرَ، فَهُوَ لِشُمُوْلِهِ الْمَدْحَ وَغَيْرَهُ أَعَمُّ مِنَ الِاسْتِتْبَاعِ؛ لِاخْتِصَاصِ الِاسْتِتْبَاعِ بِالْمَدْحِ؛ كَقَوْلِهِ: [الوافر]

أُقَلِّبُ فِيْهِ أَجْفَانِيْ، كَأَنِّيْ ... أَعُدُّ بِهَا عَلَى الدَّهْرِ الذُّنُوْبَا (٤)

فَإنَّهُ ضَمَّنَ وَصْفَ اللَّيْلِ بِالطُّوْلِ الشِّكَايَةَ مِنَ الدَّهْرِ.


(١) أبو الحسَن، عالِم بالعربيّة، له: «التّنبيه على خطأ ابن جنّيّ في فَسْر شِعر المتنبّي»، ت ٤٢٠ هـ. انظر: الأعلام ٤/ ٣١٨.
(٢) ورد القول منسوباً للرّبعيّ في الأمالي الشّجريّة ٣/ ١٣٧، وشرح الدّيوان للعكبريّ ١/ ٢٧٦، وفيه وجهان آخران لاستحسان هذا المدح: الثّالث: أنّه جعلَ خلودَه صلاحاً لأهل الدُّنيا؛ بقوله: (لهنّئت الدّنيا). الرّابع: أنّ قتلاه لم يكن ظالماً في قتلِهم؛ لأنّه لم يقصد بذلك إلّا صلاح الدُّنيا وأهلها، فهم مسرورون ببقائه، فلذلك قال: (لهنّئت الدّنيا).
(٣) انظر: معجم المصطلحات البلاغيّة ص ٥٢، والتَّلخيص ص ١٠٦، والمطوَّل ص ٦٧٧.
(٤) للمتنبّي في ديوانه ١/ ١٤٠، والوساطة ص ١٦٨، والعمدة ٢/ ٦٣٨، وكفاية الطّالب ص ١٩٠، وتحرير التّحبير ص ٤٤٥، والإيضاح ٦/ ٧٩، وإيجاز الطّراز ص ٤٧٧، والمنزع البديع ص ٤٦٩. وقال العكبريّ في شرحه: «كما أنّ ذنوب الدّهر لا تفنى، كذلك أجفاني لا تفتر»، والهاء في (فيه) تعود على اللّيل المفهوم من البيت السّابق:
كأنّ دُجاهُ يَجذِبُها سُهادِي ... فليس تغيب إلّا أنْ يَغيبا

<<  <   >  >>