قلتُ»، و «فإنْ قيلَ ... قلتُ»، و «فإنْ قيلَ ... فجوابُه»، وهذه المجادلةُ قد تطولُ في بعض المواضع.
وأمَّا عبارةُ العمريِّ في باب المناقشةِ والرَّدِّ؛ فالغالبُ عليها مَيلُهُ إلى الاعتدال، والرَّغبة عمَّا فيه حِدَّةٌ أو تجريح، ولكنَّه - على ميلِه إلى الاعتدال - لم تكنْ عبارتُه واحدةً في جميع الأوقات؛ فهي غالباً ما تجنحُ إلى التَّأدُّبِ مع النَّاظم، بل هو دوماً يحاولُ الاعتذارَ له كما سلَف، وكثيراً ما تجنحُ إلى الحِدَّة مع الشَّارح الحمويّ، وما سِواهما فَبَيْنَ بَيْن.
وأمَّا النَّاظمُ فقد استدركَ العمريُّ عليه في إغفالِه بعضَ المسائل، وفي ترتيب النَّظْم، ومع ذلك لا يكادُ يشعرُ القارئُ بهذا الاستدراك؛ لأنَّه لا يُشير إليه، وإنْ أشارَ إلى ذلك فبألطفٍ عبارة؛ كقوله:«لم يذكُرِ النَّاظمُ، رحمه الله، في أحوال ... »، و «واعلَم أنَّ ... غيرُ مُنحصِرٍ بما ذكَرَهُ النَّاظمُ ... ».
وأمَّا الحمويُّ فالأمرُ معَه مختلِفٌ، فالحمويُّ هو «الشَّارح» السَّابق للأرجوزة، وكلامُه «فيه نظَر»، وقولُه «فيه ركاكة لا تخفى على الفَطِن»، وتفسيرُه «غيرُ ظاهرٍ»، و «لا يُستفادُ من كلامه»، و «العجبُ منه»، فقد «وَهِمَ»، و «سقطَ اعتراضُه»، و «ذَهَلَ عمَّا نقلَه .. وأمَرَ بالتَّأمُّل! »، و «وصنيعُه يؤذِنُ بكذا وهو مخالِفٌ .. فتأمَّل»، و «هذا عجبٌ منه».
تلكَ هي أبرزُ السِّمات الّتي استطعتُ أنْ أتلمَّسَها في هذا الشَّرح، ولعلَّ فيها ما يُعينُ على تبيُّنِ معالمِ المنهجِ الَّذي سلكَه العمريّ، ولا يعني هذا أنَّه انفردَ بكُلِّ ما ذكرتُه؛ فإنَّ مسالكَ الشُّرَّاح متقارِبة، والاختلافُ بينَهم مَبْنيٌّ على تفاوُتِ الأثرِ الَّذي تتركُه هذه السِّماتُ في أحدِهم دونَ الآخَر، وكَوْنِ بعضِ السِّماتِ أشدَّ لُصوقاً بشخصيَّةِ صاحبِها.