للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهرزوري رسول السلطان ببغداد قد عاد، وذكر أنه قد بلغ المراد، وأنه استجدى واستجاد، واستفاد واستزاد، وأنه استكمل للعدة الاستنجاز، وللعدة الاستنجاد.

فما هذا الرسول ارائح. وربما أعرضت لتلك الحزائج الجوائح. وإذا اختلف الحديث حدث الاختلاف ومتى ألفى غير ما ألقى ألغى الائتلاف. فما هذا لعجل، ومم الوجل. فصدقه الملك الظاهر غازي صاحب حلب، عن كل ما أبان عنه

وأعرض.

وكتب إلى والده، بذكر مقاصده، وقال: أنا لا أقدر على صد من للخدمة تصدى، ولا رد من بثوب الرسالة تردى، وأنت تمضي إلى السلطان، بما أوضحته من البرهان. وهو يحكم ويحكم، ويعقد ويبرم. ويقول فتسمع، ويأمر فتتبع. ولعلك تعود سريعا، وتجد شمل ما الفته جميعا.

فوصل ضياء الدين الشهرزوري وهو مغتاط، وسجاياه السجاح غلاظ. وتغير على، ونسب إنفاذ القاضي بهاء الدين إلى، فإنه كان مخاللي ومخالطي ومباسطي. فأزلت عنه كل طن، واعتذرت إليه بكل فن؛ فما بسط عذر؛ ولا قبض ذعر. فإني على أسبابي ببغداد خائف، ودون رضى كل سائر إليها واقف. واسترضيته فما رضي، ومضيت إليه مرارا قبل أن يمضي.

ثم اجتمع بالسلطان وندمه على ما قدمه، وأعلمه بما علمه. وقال له: الشغل قد فرغ، والمقصود قد بلغ، والسؤال قد أجيب، والسؤل قد أصيب. والمخطوب بزمامه نحوك مخطوم، وكل ملك سواك لأجلك من رضاع رضاهم مفطوم. فكن للإمام يكن لك، وأقبل أمره ليقبلك.

واجتمع بالسلطان دوني، واتفق بجماعة شاركوه وأفردوني. وقرروا معه سرا أمرا، وحذروه أن يصير جهرا. ولو كنت معهم لعرفتهم أن الأمر الذي أبرموه غير مبرم، وأن الرأي الذي احكموه غير محكم. وما زالت أوكد الأمر حتى يؤمن انتفاضه، وأتعرض دون الرأي حتى لا يمكن اعتراضه. وأتيقن أن الأمر ما فيه خلاف، وأن الوعد ما له إخلاف. فما فعل الرسول يتلبث، ولا أمهل بتمكث، بل جعل على المجاز لا الحقيقة مجازه، وزعم فيما دبره نجاحه ونجازه. وسلك فيما تقرر نهج العجب، وأسرع العودة على النجب.

فلما انفصل عن السلطان، بما وصله من الإحسان، جمع السلطان الأمراء على

المشورة، ووقفهم على المعنى والصورة. وقال لهم: قد وعدت الخليفة على لسان الشهرزوري بشهرزور، واستدعيت عسكره المنصور، وربما قدم الينا الحضور، فيكمل لنا النصر والحبور. فقالوا: هذا رأى رائب، وشأو شائب، وأمر عنه الصواب ناء، وكيف تعد الإمام بما لا يقرن بوفاء. وكيف ينجز هذا الرعد وينجح هذا القصد! ودونه أيحاش من هو في طاعتك! فكنت تبذل ما يدخل في استطاعتك. أما صاحب

<<  <   >  >>