والسلطان في عكاء مقيم، والأمر مستقيم، والنهج قويم. وهو يبوب أسباب حفظها، ويسبب أبواب حظها. ويهذب مراتب مصالحها، ويرتب مذاهب مناجحها. ويعدل جواح امورها، ويذلل جوامح جمهورها. ويقوى ما وهي، ويسوى ما هوى. ويحلى من الشان ما عطل، ويعلى من المكان ما سفل. ويعيد نظم ما انتكثت ولم ما تشعث، ويجيد كل ما دعا إلى بعث ومكث بها ر يريم القصر، إلى أن وصل جماعة من مصر. فأمرهم فيها بالإقامة، محافظة على الحماية المستدامة. فأمر (بهاء الدين قراقوش) بإتمام بناء السور، وأحكام أحكام الأمور، وولى الأمير
(حسام الدين بشارة) بعكاء واليا، ولم يزل لآثار الدولة في إيثار العدل تاليا.
ثم خرج السلطان وسار على طبرية ودخل دمشق مستهل صفر، وقد استكمل الظفر، ووجه الدين به قد سفر، وعز من آمن وذل من كفر. وحزب الهدى قد أنس، ونفر الضلال قد نفر. وجلس على سرير السرور، ولبس حبير الحبور. وبدأ بحضور دار العدل فدر عدله للبادي والحاضر، وأقام سفور بشره للمقيم والمسافر. وأفاض الفضل، ومحا المحل. وأعلى أعلام العلماء، وأحلى أحلام الحلماء، وأمضى أحكام الحكماء، وقضى بإكرام الكرماء. وأسدى المعروف، وأعدى الملهوف. وأنكر المناهي ونهى عن المنكر، وطهر حكم الشريعة وحكم بالشرع المطهر. وأقام مدة الشهر، وأولياؤه جناة النصر، وأعداؤه عناة القهر. وأيامه مسفرة، ولياليه مقمرة، ومغارس اياديه بثمار المحامد مثمرة، ومجالس أعاديه في ديار الشدائد مقفرة.