للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخروج لحربه، فوافقهم السلطان على هذا الرأي وحسن في قلبه، فرحل يوم الاربعاء السابع والعشرين من جمادى الآخرة إلى منزله الأول بالخروبة، واشتغل بالتدبير في الفوز بالنصرة المطلوبة. ونزل العسكر على تلك الهضاب وحوالي سفوحها. واحتوت كل جثة خيمة ممن جل فيها على روحها. ورتب اليزك في المنزلة الأولى كل ألف فارس بالنوبة في يومين، وضويق بأهل الصدق منهم أهل المين.

وتدبر الترتيب وترتب التدبير، وعرف في اليزك أوقات نوبته وأوبته الصغير والكبير. وأما عكاء فالكتب مترددة إليها ومنها مع السباح، والحمام إليها ومنها تحم البطاقات على الجناح. والمراكب تدخل إليها وتخرج، واليها وعنها تعوج وتعرج. وأخبار ملك الألمان متواصلة؛ بأن أنصاره له خاذلة؛ وأنه ضعف ووهى، وأنه إلى إنطاكية انتهى. وأنه تعوق هناك، ونوقع من مرامه الإدراك. وتوقف عن المسير، واعتاض التعسير من النسبير. ووقع الفناء في جمعه، وتعجل قمعه قبل أن يصل إلى محل قمعه. وانه قد اشتغل بالإنفاق في رجال الاستجناد والاستجناد، والاحتشاء والاحتشاء. وأن أصحابنا يأسرونهم ويتلفونهم، ويتلقطونهم من الطرقات ويتخطفونهم.

ووصل من ملك قسطنطينية كتاب يتضمن استعطافا واستسعافت، ويجمع قطافا ونطاقا وألطافا. ويذكر تمكينه من إقامة الجمعة في جامع المسلمين بقسطنطينية والخطبة، وأنه مستمر على المودة راغب في المحبة. ويعتذر عن عبور الالماني، وانه قد فجع في طريقه بالأماني. وأنه لاقى من الشدة، ونقص العدة؛ ووصل المشقة؛ وقطع الشقة؛ ما أضعفه وتوهده، وألهبه وألهاه. وأنه لا يصل إلى بلادكم فينتفع بنفسه أو ينفع، ويكون مصرعه هناك ولا يرجع. ويمت بما به كاده، وانه

بلغ في أذاه اجتهاده. ويطلب سولانا، يدرك به من السلطان سولا. فأجيب في ذلك إلى مراده، ووقع الاعتداد بما ذكره من اعتداده.

[ذكر حريق المنجنيقات]

وفي رجب من السنة أنفق الكندهري بعد وصوله؛ ما وصل معه من المال في الرجال، فأعطى عشرة آلاف راجل في يوم واحد ليجدوا معه في القتال. وضايق مدينة عكاء أشد مضايقة، وأخذ القومص والكنود بذلك موافقة. ونصب عليها كل منجنيق، ومن الرمي غير مفيق. رجومه للشهب بالشياطين، ونجوم الحجارة تنقص من أرض الكفر إلى سماء الدين. فهي مجانيق مجانيق، وميادين ثعابين، ومسارح سراحين. فاشتد على أصحابنا بالبلد وقعها، واحتد على صقعهم صقعها. وقالوا:

<<  <   >  >>