للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خضر) و (المعز إسحاق) ولدا السلطان. فنزل لهما ونزلا له، وتعمدا إعظامه وإجلاله. ثم تلقاه الملك الأفضل أدنى من ذلك فتعانقا على فرسيهما، إعفاء له من النزول، وتلاقيا بالإقبال والقبول.

ثم وصل إليه السلطان بالوجه الضاحك، واللطف المتدارك. واعتنقا على ظهر، واتفقا على بشر ونشر. وكان (الملك العادل) تأخر فلحق واظهر من ارج سجاياه ما بنشره عبق، وبحبه علق، وسار مع السلطان بأطلابه وابطاله؛ وحماته ورجاله؛ حتى وقف قبالة العدو بصفوفه، ووقف عليهم طول الرعب بطول وقوفه.

ثم رده السلطان إلى خيمته على رسم الضيافة، وترفرفت ألطافه عليه بالاطافة. ووقف ساعة مع الملك العادل حتى دخل السلطان سرادقه وجلس، وحضر الملك العادل بعماد الدين وبسط لفرشه ثوبا أطلس. وأكرمه السلطان بإجلاسه إلى جنبه

على الطراحة. وآنسه ببشر السماحة والسجاحة. ووقف الأمراء والخواص والأولياء صفين. وأنشد الشعراء من المدح والنسيب صنفين.

ثم أحضرت المائدة فماد نحوها الحضور، وعقد الحبا لهم الحبور.

ثم رفع الخوان وارتفع الإخوان؛ وحسن الخبر والعيان، وخلا المكان وحلا الإمكان. فأمر السلطان له بإحضار عشرة من العتاق العراب؛ وخمس عشرة رزمة من كرائم الثياب. ثم نهض وهو يعبئ الشكر ناهش، ولوجه العذر عارض. ونزل في خيمته وقد ضربت على النهر بعد المضارب العادية، وملأ تلك المروج بعساكره الملية.

ثم وصل من بعده ابن أخيه (معز الدين سنجر شاه بن غازي بن مودود) صاحب الجزيرة؛ بعساكره الكثيفة الكثيرة؛ وذلك يوم الأربعاء سابع جمادى الأولى، بالأيد الأطول واليد الطولى. فالتقاه السلطان وأخوه وأولاده على قاعدة عمه، وأجراه في الضيافة والكرامة والنزول بالخيمة السلطانية على حكمه، ولكنه يقصر في القاعدة عن رسمه. ونزا بخيمته في فناء السرادق العمادي، وقد استكثر من العسكر الجهادي. فكأن ذلك المرج بحر أمواجه الخيم والمضارب، أو سماء كواكبها ما أشرعته من صعادها الكتائب. أو غيل آساده في آجام القنا الفوارس، أو غدير من السوابغ حبابه الترائك والقوانس. أو سحاب بروقه الصوارم الرقاق، أو هاد آكامها الصواهل العتاق.

ثم وصل (الملك السعيد علاء الدين خرم شاه) ابن صاحب الموصل (عز الدين مسعود بن مودود) وهو كوالده مسعود مودود، وفي شهامته وصرامته مشكور محمود. وذلك تاسع جمادى الأولى يوم الجمعة؛ بالمحاسن المتنوعة، والمفاخر الأصلية المتفرعة، والصنائع المبدعة، والبدائع المصنعة وجيشه للقوة ضابط، وجأشه على الحمية رابط، وبأسه ليد الأيد باسط، وجنانه على الكفر ساخط.

وهو شاب أول ما بقل خطه، وابتهج بكماله رهطه. وكان أبوه قد عزم على الوصول بنفسه، وإذهاب وحشة

<<  <   >  >>