وذلك بما أجراه الله من قضائه المحتوم، وأظهره من سر قدره المكتوم. بمصاب مولانا الملك الناصر - روح الله روحه، وروض في جنان رضوانه وغرفات غفرانه ضريحه. فقد عظم الخطب وجل، وحل عرا الجلد حين حل، وثلم غرب الصبر وفل. وأجرى غرب الدموع، وأزكى كرب الضلوع. وبت حبل اللاجين، وشت شمل الراجين.
وأعلمنا أن الدنيا الدنية حبالها رثاث، وحباؤها غثاث، وعقودها انكاث، وسهولها أوعاث، وقصورها أجداث، وسرورها غرور ومواهبها أحداث. وسكونها قلق، وأمنها فرق. وصحتها سقم، وأملها ألم، وغبطتها ندم، ووجودها عدم. وبقاؤها فناء، ونعيمها بلاء، وراحتها عناء. وملكها هلك، وسترها هتك، وأخذها ترك، وسلمها حرب وصلحها فتك. ووفاؤها غدر، ووفاقها مكر، وعرفها نكر، ووصلها هجر، وخيرها شر، ونفعها ضر، وجبرها كسر. ومتاعها قليل، وباعها في التطاول طويل، وما لعثارها مقيل، ولا في ظلها مقيل. ولا أرب فيها لأريب. ولا الباب فيها للبيب.