للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومزدلفة ومنى، التي هي مواضع الحج والنسك وتعظيم شعائر الله تعالى، وفضّل المدينة بحرمها ومسجدها وبمسجد قباء وجبل أحد، ووادي العقيق المبارك، وفضّل أرض الشام فباركها، وجعلها موطنا لأنبياء بني إسرائيل، وبارك مسجدها وما حوله، وجعله مسرى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وخلق الله تعالى الزمان ففضّل بعضه على بعض؛ كما فضّل رمضان على سائر الشهور، وفضّل أيام الجمعة وعرفة والنحر على سائر الأيام، وفضّل ليلة القدر على سائر الليالي، وفضّل ثلث الليل الآخر على سائر أجزاء الليل، وفضل ساعة الجمعة على سائر الساعات، وفضل العمل في الليالي العشر الأخيرة من رمضان فاختصها بالاعتكاف والاجتهاد دون سائر الليالي، وهكذا بين الحين والآخر تظلل المسلمين سحابة موسمية عظيمة، تمطر عليهم خيرًا، تُمحى بها الخطايا، وتُغفر بها الزلات، وتُرفع بها الدرجات، وتمتلئ بها صحائف الحسنات، فالكيِّس من تعرَّض لسحائب الرحمة، فنال من خيرها، وأصاب من غيثها، قبل أن ينطفئ نورها، ويخبو أوارها، ومن هذه السحب والمزن الكريمة أيام عشر ذي الحجة إذ فضّل العمل فيها على العمل في غيرها، واختصها بأمهات الأعمال والعبادات والله يخلق ما يشاء ويختار.

وفضّل الذكر فيها والإكثار منه بالذات؛ فقال سبحانه {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (١).


(١) [الحج: ٢٨].

<<  <   >  >>