أَيُّهَا الأخوة: ولا زال الحديث عن السِيَرِ أخّاّذاً، يستضيء المسلمُ بنورها في حياته وأحداثه، وتخفف عليه الحمل الثقيل في نوائب الدهور، وسير الصالحات ومجدهُن ليست بأنقصَ من سير الصالحين، فكيف إن كنّ صحابيات جليلات؟ ! ، بل كيف إن كنّ من المهاجرات؟ ! ، بل ومن السابقين والسابقات للإسلام، وحديثنا اليوم عن امرأة - وأيُّ امرأة؟ ! - جمعت المجد والعز من أطرافه كلها، علمٌ وورعٌ وزهدٌ وسخاء نفس وعبادةٌ وبر والد وطاعة زوج وإحسان وجهاد، وتذلل لله وانكسار، وتفيض منها حكمة وشجاعة وصبر جميل وحياءٌ وعفه وتمسك بالحجاب، وطول عمر وحسن عمل وخاتمة طيبة، دروس في سيرتها لا تدري معها من أين تبدأ ولا كيف تبدأ؟
فأبوها صحابيٌّ، وجدُّها صحابيٌّ، وأختها صحابيَّةٌ، وزوجها صحابيٌّ، وابنها صحابيٌّ .. وحسبُها بذلك شرفًا وفخرًا، إنها ذات النطاقين: أسماءُ بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان -رضي الله عنهم- أجمعين أم عبد الله القرشية، التيمية، المكية، ثم المدنية.
أمَّا أبوها فالصِّدِّيق خليل الرَّسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وخليفته من بعد مماته، وأما جدُّها فأبو عتيقٍ والد أبي بكرٍ، وأمَّا أختها فأمُّ المؤمنين عائشة الطَّاهرة