للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبرَّأة، وأمَّا زوجها فحواريُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزُّبير بن العوَّام، وأمَّا ابنها فالخليفة عبد الله بن الزُّبير -رضي الله عنه- وعنهم أجمعين ...

كانَتْ أَسَنَّ مِنْ إمّنا عَائِشَةَ -رضي الله عنهما- بِبِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وهي من السابقات للإسلام كانت هي السابعة عشر في الإسلام، وحين اشتد أذى المشركين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأذن الله تعالى له بالهجرة، كانت ممن نصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبيها -رضي الله عنهما- فلقِّبت بذات النِّطاقين لأنَّها صنعت للرَّسول صلوات الله عليه ولأبيها يوم هاجرا إلى المدينة زادًا، وأعدت لهما سقاءً، فلمَّا لم تجد ما تربطهما به شقَّت نطاقها شقَّين، فربطت بأحدهما المزود وبالثَّاني السِّقاء، فدعا لها النَّبيُّ -عليه الصلاة والسلام- أن يبدلها الله منهما نطاقين في الجنَّة، فلقبت لذلك بذات النِّطاقين، ولقد آذاها المشركون فصبرت وتحملت، قَالَتْ -رضي الله عنها-: أَتَى أَبُو جَهْلٍ فِي نَفَرٍ فَخَرَجتُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوْكِ؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي وَاللهِ أَيْنَ هُوَ؟ فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَلَطَمَ خَدِّي لَطْمَةً خَرَّ مِنْهَا قُرْطِي، ثُمَّ انْصرفُوا، فَمَضَتْ ثَلاثٌ لا نَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ رَسُوْلُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الجِنِّ يَسْمَعُوْنَ صَوْتَهُ بِأَعْلَى مَكَّةَ يَقُوْلُ:

جَزَى اللهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيْقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعَبْدِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصْدَعُ فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَتَقُوْلُ: بِذَنْبِي وَمَا يَغْفِرُهُ اللهُ أَكْثَرُ.

يا الله هكذا يكون حال المؤمن الصابر تذلل وانكسار واستغفار، تزوج بها الزُّبير بن العوام، وكان شابًا فقيراً ليس له خادمٌ ينهض بخدمته، أو مالٌ يوسِّع به على عياله غير فرس اقتناها.

<<  <   >  >>