جاء يلومني عندما تكلمت عن بر الوالدة، وأغلظتُ القولَ على أولئك الجفاة مع والديهم قائلاً: أنت لم تذق ما ذُقتُه من أمي من مرِّ الكلام عليّ وعلى أبنائي من كلام جارح وعدم احترام، فمرّةً فعلت كذا ومرةً قالت كذا .. ! ومرةً نصرت أختي عليّ .. إلخ من التوافه التي تشغل صغار العقول.
ثم كرر المقولة الخاطئة والخطيرة التي كثيراً ما يردُّ به المنصوح على الناصح: من يده في النار ليس كمن يده في الماء! ! تلك المقولة هي ذاتها التي قالتها المرأة للرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما وجدها تبكي عند قبر فقال:«اتقي الله واصبري»، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه فقيل لها إنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتت باب النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى». رواه البخاري (١).
أقول: فلما انتهى من لومه وعتابه لم يدع لي مجالاً للحديث وولّى. حاولت ثنيه ومحاورته فلم أستطع! !