أيها الأخ المبارك: كلما ضعفت الهمّة، وتواردت أفكار الإحباط، وتصادمت الأوقات بين الفراغ والأولويات، ويئست القلوب، فتش في كتب تراجم أعلام الإسلام، فإن سِيَرهم والله رفعة وأي رفعة؟ ! ، إنها مدارس وأي مدارس؟ ! .. يكفيك والله فخراً أنّك تنتمي لأمةٍ عجز كُتَّاب التاريخ عن إعطاء أعلامها أصدق أوصافهم من كثرتهم وبهائهم وسمّوهم، فلا أمة غيرَ أمةِ الإسلام تمتلك أمثال أولئك الرجال، بل إنّ التاريخ يتحدى أن يشُّك الإنسان في ذلك، ومعنا اليوم علمٌ من أولئك الأعلام النبلاء الذين سطّر التاريخ شيئاً من حياتهم بمداد من ذهب قبل حوالي ثمانية قرون، علمٌ عالمٌ بالحديثِ والفقه والتفسير، والعِبادة والزهد والوَرَع، والرِّجال واللغة، وهو صاحِب الكلمات النُّورانيَّة الأخَّاذة والقلم السيَّال؛ فهو إمامُ سنَّة، وقامِعُ بدعة، فكم من أُلُوفِ الآلاف من المسلمين تعلَّموا السُّنَّة منه عبْر العصور، وهو رأسٌ في التعبُّد، والأدب الجم مع العُلَماء والمخالِفين، إنّه شيخُ الإسلام الإمامُ أبو زكريا يحيى بن شرف النَّوَوِيُّ، زاهِدُ العُلَماء وعالِم الزُّهَّاد، حتى إنَّ صدْق نيَّة هذا الإمام وإخلاصَه قد ظهر من خِلال سِيرته العَطِرة، ومن استِفادة كافَّة العُلَماء - فضلاً عن طلبة العلم - على تعدُّد مشاربهم من مؤلَّفات هذا الإمام العِملاق؛