أَيُّهَا الأخوة: وهذا لقاء ثالث عن معالم تلك السورة العظيمة سورة الفتح .. {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} ويكفي أنها تحدثت عن قصة صلح الحديبية الذي سمّاه الله تعالى فتحاً مبيناً؛ لما تضمن بعده من اتساع دائرة الدعوة لدين الله تعالى، ودخول الناس أفواجاً، ومما جاء في قصة هذا الصلح العظيم، وأصحاب بيعة الشجرة بيعة الرضوان ..
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رأى في المنام أنه دخل مكة مع المسلمين محرمًا معتمرًا، فبشَّر بها أصحابه، وفرحوا بها فرحًا شديدًا، وقد اشتاقت نفوسهم إلى زيارة البيت العتيق والطواف به، فخرج -صلى الله عليه وسلم- سنة ست من الهجرة في ذي القعدة، وكان معه -صلى الله عليه وسلم- ألف وخمسمائة على الصحيح، ولما كانوا بذي الحليفة قلّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة، حتى إذا كان قريباً من عُسفان أتاه خبرٌ أنّ المشركين قد جمعوا له الأحابيش، والجموع ليصدوه عن البيت، فاستشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه فيهم؟ فقال أبو بكر: الله ورسوله أعلم إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: فروحوا إذاً، فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنّ خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا