ذات اليمين، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقتَرة الجيش، وانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان بالثنيّة التي يُهبط عليهم منها بركت به راحلتُه، فقال الناس: حَلْ حَلْ فألحّت فقالوا: خلأت القصواء! خلأت القصواء! ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطَّة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرها فوثبت به فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتبّرضُه الناس تبرُّضاً، فلم يُلْبِثُه الناسُ أن نَزحوه، فشكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، قال: فوالله ما زال يجيش لهم بالرِّي حتى صدروا عنه ..
وفزعت قريش لنزوله عليهم، فأحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبعث إليه رجلاً من أصحابه، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان فأرسله إلى قريش وقال: أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عُمَّاراً وادعهم إلى الإسلام، وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله -عز وجل- مظهر دينه بمكة حتى لا يُستخفى فيها بالإيمان، فانطلق عثمان فمر على قريش ببلدح فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام وأخبركم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عماراً فقالوا: قد سمعنا ما تقول فانفذ لحاجتك، وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأسرج فرسه، فحمل عثمان على الفرس وأجاره وأردفه أبان حتى جاء مكة ..
واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح فرمى رجل من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر، وكانت معركة وتراموا بالنبل والحجارة وصاح الفريقان كلاهما