للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الاعتذار الصادق من شيم الكبار]

تربَّى الكثيرُ منَّا على أن الاعتذار ضَعْفٌ وذُلٌّ؛ إذ من تكوين شخصيات أولئك أن الخطأ بعيدٌ عنهم؛ بل حتى إن اكتُشِفَتْ أخطاؤهم وعلِمَ بها الناسُ، ولم تنجح تبريراتُهم أقرُّوا بها، ليس على سبيل الاعتراف بالخطأ؛ بل لإظهار شجاعتِهم الزائفة بكونهم اعتذروا، بغضِّ النظر عن الخطأ ذاته!

تلك فلسفةٌ لا أريد التعمُّق فيها، ما يهمُّني أن يُدرِكَ المسلم أن «كل بني آدم خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائين التوَّابُون» (١)، وأن من التوبة الاعتراف بالخطأ ومحاولة علاجه، وألَّا يكون في الاعتذار هَرَبٌ أو مخالفةٌ أو رياءٌ وسُمْعةٌ، فإن ذلك من أفعال المنافقين: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢)، فهنا قد اتَّضَح مقصدهم السيئ، ففضَحهم الله وفضح اعتذارهم، فاحذَر القصد السيئ من الاعتذار؛ لأنه قد يُسبِّب لكم فَضْحًا عند الخَلْق لا تُطيقه، عافا الله من ذلك!


(١) حسن؛ حسَّنه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ٨٣١)، حديث رواه الترمذي (٤/ ٦٥٩ - ٢٤٩٩).
(٢) [التوبة: ٩٤].

<<  <   >  >>