للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكتبه: كـ"رياض الصالحين"، و"التبيان"، و"المجموع"، وغيرها تُقرَأ في الدروس العلميَّة، وتُنثَر دُرَرُها بين العُلَماء وطلَبَة العلم والعامَّة في كلِّ حين، وإنه لَيَجْدُرُ بنا أن نقول في حقِّه: إنَّه ما جاء بعدَه من عالمٍ ولا متعلِّم إلا وللإمام النَّوَوِيِّ في عنقه منَّة نحسبه كذلك، ولا نزكِّي على الله أحدًا.

هذا، وقد بارَك الله -سبحانه وتعالى- له في عمره؛ لأنَّ هذه الخيرات التي ترَكَها الواحِد مِنَّا يَعجِز - إلا من رحم الله تعالى - عن قراءَتها فكيف بتأليفها؟ ! وقد وفَّقه الله - تعالى - في تأليفها وعمره لم يَتجاوَز الخامسة والأربعين سنة؛ إذ إنَّ ميلاده كان عام ستمائة وإحدى وثلاثين للهجرة، ووفاته كانت عام ستمائة وست وسبعين للهجرة، ولكن فضل الله - تعالى - يُؤتِيه من يشاء .. لقُّب بـ: محيي الدين وكان يكره أنْ يُلَقَّب به. وكنيته: أبو زكريا .. ولم يتزوج لانشغاله بالعلم.

عاش الإمام النووي في كنف أبيه ورعايته، وكان أبوه في دنياه مستور الحال مبارَكاً له في رزقه، فنشأ الإمام النووي في ستر وخير.

قال الشيخ ياسين الدمشقي: رأيتُ الشيخ محي الدين النووي، وهو ابن عشر سنين، بنوى، والصبيان يُكرِهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن.

ولما بلغ العاشرة من عمره حفظ القران وبدأ بالتفقه على بعض أهل العلم، وفي سنة ستمائة وتسع وأربعين للهجرة قَدِمَ مع أبيه إلى دمشق لطلب العلم في مدرسة دار الحديث، وسكنَ المدرسة الرواحية، وهي ملاصقة للمسجد الأموي، ثم حج بعد سنتين مع أبيه ثم رجع إلى دمشق، وهناك أكب على علمائها ينهل منهم.

<<  <   >  >>