للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاتقوا الله عباد الله، فإن الأيام قد أسرعت بنا إلى قبورنا، وأنقصت شهورنا وأعوامنا، وما ذاك إلا من أعمارنا، ولن نجد أمامنا إلا أعمالنا، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} (١).

أَيُّهَا الأخوة: ها نحن نعيش في خضّم الأشهر الحرم التي يضاعف فيها الثواب والعقاب، بل في أوجِ خير أيام الدنيا أيامِ عشر ذي الحجة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ» (٢) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» (٣).

قال ابن رجب: "وهذا الحديث نص في أن العمل المفضول يصير فاضلاً إذا وقع في زمان فاضل، حتى يصير أفضل من غيره من الأعمال الفاضلة؛ لفضل زمانه .. وفي أن العمل في عشر ذي الحجة أفضل من جميع الأعمال الفاضلة في غيره، ولا يستثنى من ذلك سوى أفضل أنواع الجهاد، وهو أن يخرج الرجل بنفسه وماله، ثم لا يرجع منهما بشيء" (٤).


(١) [الأنبياء: ٢١].
(٢) أيام عشر ذي الحجة.
(٣) صحيح البخاري (٩٦٩)، والترمذي (٧٥٧)، واللفظ له.
(٤) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب (٦/ ١١٥).

<<  <   >  >>