واستنزالِ النَّصْرِ، وَالْأَمْن والسكينة مِنْهُ سُبْحَانَهُ دُونَ سِوَاهُ؛ ومن كَتَبَ الله لَهُ النَّصْرَ فَلَنْ يُهَزَمَ مَهْمَا بَدَا ضَعِيفًا: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} (١).
وَهَذِهِ حَقَائِقَ مُسَلَّمَةٌ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَتَطَرَّقَ إِلَيْهَا الشَّكُّ أَبَدًا، وَلَكِنَّهُمْ يَغْفُلُونَ.
إِنَّ الاسْتِنْصَارَ بِالدُّعَاءِ، وَنُصْرَةَ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِهِ هُوَ أَعْظَمُ سِلَاحٍ يَمْلِكُهُ الْمُؤْمِنُونَ لَوْ عَمِلُوا بِهِ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَيهِ، وَلَمْ يَسْتَبْطِئُوا الْإِجَابَةَ.
وَلَقَدْ كَانَ الدُّعَاءُ سِلَاحَ الْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ فِي مُوَاجَهَةِ كل بلاء وفتنة، وكل معترك في الحياة .. فيُلِحُّونَ وَيُلِحُّونَ حَتَّى يَتَنَزَّلَ نَصْرُ اللهِ تَعَالَى، يدعون دُعَاءَ مَنْ أَخَذ بِأَسْبَابِ الْإِجَابَةِ، وَجَانَبَ مَوَانِعَهَا.
وكانوا يقصدون الدعاءَ في الأماكن والأزمنة الفاضلة، ويلحون فيها؛ كالأشهر الحرم، ورمضان، والجمع، وعشر ذي الحجة، ونحوها ..
وَأَمْرُ الدُّعَاءِ عَظِيمٌ، وَشَأْنُهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى كَبِيرٌ؛ فَهُوَ الْعِبَادَةُ، وَهُوَ لُبُّهَا وَمُخُّهَا، وَهُوَ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَقْدُورَ، وَيَرْفَعُ المَكْرُوهَ.
بِدُعَاءِ نُوْحٍ -عليه السلام- أَغَرَقَ اللهُ سُبْحَانَهُ الْأَرْضَ كُلَّهَا، وَلَمْ يَنْجُ مِنَ الْغَرَقِ إِلَّا نُوحٌ وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ؛ {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ
(١) [آل عمران: ١٦٠].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute