أَيُّهَا الأخوة: لماذا تكرر ذكر إنزال السكينة في سورة الفتح أكثر من مرة؟
ثمة ارتباط بين الإيمان والسكينة، ودليل على أن حالة الاضطراب والفتن والصعوبات والابتلاءات لا يترك الله المؤمنين وحدهم، بل يثبتهم وينزل عليهم السكينة والطمأنينة والنصر والفتح حتى لوكان ظاهرُ الحال غيرَ ذلك، ولذا في الآية الأولى أخبر تعالى عن منته على المؤمنين بشكل عام بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس، فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال، فيزداد بذلك إيمانه، ويتم إيقانه، فالصحابة -رضي الله عنهم- لما جرى ما جرى بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمشركين، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم، وحط من أقدارهم، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس، فلما صبروا عليها ووطنوا أنفسهم لها، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم.