بالطرق التي يمارسها الكثيرون من المثقفين العرب والمسلمين، ليست هي نقد الواقع نقداً بنّاءً موضوعياً، بل هزيمة نفسية هدّامة تتقبل المآسي واليأس والإحباط، إننا من أمّة خير أمة أخرجت للناس، يوم قال الله تعالى عنا:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(١)، فالخيرية مرتبطة بالإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فينبغي للمسلم أن يصنع هويته ومشروعه الخادم لمجتمعه وأمته لا أن يصبح عبثياً ثقيلاً خادم لمشروعات غيره.
رابعاً: ومن مظاهر تضييع هوية المسلم: قلب المفاهيم بتعلم اللغات الأجنبية وعدم الاهتمام باللغة العربية -لغة القرآن-، ليس للعلم والمعرفة بل للمفاخرة والتنطع، لقد كان المستعمر المحتل يدرك خطورة بقاء اللغة العربية عليه فسعى قدر المستطاع إلى طمس معالم اللغة، حتى أنشأ النعرات والعصبيات في ذلك ببعض البلاد، وحتى ينشأ أجيالٌ لا ترتبط بالقران والسنة، بل في بعض الأقليات منعت الأسماء العربية بالكامل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه كما تقدم.