للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» رواه الترمذي وصححه الألباني (١).

قال ابن كثير في قوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (٢): هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٣)، ولهذا قال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِب، إنما الشأن أن تُحَب، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٤).

نعم - أَيُّهَا الأخوة - هذه هي حقيقة محبته -صلى الله عليه وسلم-: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَر، واجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَر، وأَلا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بِمَا شَرَعَ، وليست محبته باحتفالات وموالد بدعيّة ما أنزل الله بها من سلطان ..


(١) حسن؛ حسنه الألباني في الصحيحة (٩٥٤)، أخرجه الترمذي (٢٤٥٧)، وغيره.
(٢) [آل عمران: ٣١].
(٣) صحيح البخاري (ج ٣، ص ٦٩).
(٤) تفسير ابن كثير (ج ٢، ص ٣٢).

<<  <   >  >>