للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَشَّرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا الأخوة: لا يزال الحديث عن سير العلماء كالطِّيب، من أصلهِ يفوح شذاه، يضفي على المسلم انشراحاً، بل وثباتاً حقًّا، ومعنا اليوم عالمٌ نطُّل على سيرته إطلالة سريعة، إنه وحدَه جامعةٌ تخرَّج منها: أمثالُ الإمام مسلم، والإمامِ الترمذي، والإمامِ النسائي، والإمامِ أبي حاتم، والإمامِ أبي زرعة، وابن خزيمة، وخلقٌ كثير.

قال الإمامُ ابن كثير: وروى الخطيب البغدادي عن محمد بن يوسف الفِرَبْرِي، أحد أكبر تلاميذ البخاري، أنه قال: «سمع الصحيح من البخاري معي نحوٌ من سبعين ألفًا» (١)، ولم يكد يشتهر بين الناس بسعة حفظه وتثبُّته وإتقانه حتى أقبل طلاب الحديث يسعون إليه ويتحلّقون حوله طلباً للرواية عنه والسماع منه.

قال محمد بن أبي حاتم ورّاق البخاري: «كان أهل المعرفة يَعْدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه وكان شاباً لم يخرج وجهه» (٢).

إنه الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزبَه الجعفي البخاري، صاحب كتاب الجامع الصحيح، المشهور باسم صحيح البخاري، الذي


(١) البداية والنهاية ابن كثير (١١/ ٢٥).
(٢) طبقات الشافعية الكبرى السبكي (٢/ ٢١٧).

<<  <   >  >>