للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (١).

أقول قولي هذا وأستغفر الله ...

الخطبة الثانية:

الحمد لله ..

أَيُّهَا الأخوة: تلك هي قُطُوفٌ وشذرات من سيرةِ هذا العالمِ العابدِ الجليلِ، والتي تجعلُ المرءُ يَخْجلُ من نفسهِ حينَ يُقارِنُ سيرتَه بتقصيرِه، ويَعْجَبُ من تخليدِ الله تعالى لها، فها نحن نتذاكرُها بعد ألفٍ ومائتي عامٍ تقريباً، ومِنْ ألْمَعِ العِبَرِ فيها: تلك السنّةُ الكونيةُ والحكمةُ الربانيّة في تقلب أحوال الناس والزمانِ مِنْ رفْعٍ وخَفْضٍ وعز وذل، {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (٢)، لكن العاقبةَ في النهاية للمتقين.

وكذلكَ من المواعظِ الناطقةِ من سيرته: الصبرُ على الطلب، ومع أنهم -رحمهم الله- يقطعون الفيافيَ والمسافاتِ الطويلةَ مشياً على الأقدامِ مع قلةِ المؤونةِ وشظف العيشِ، إلاّ أنهم يتلذذونَ في التحصيلِ والتحلّقِ على العلماء والمزاحمةِ بالرُّكَبِ، وهنا


(١) [الأحزاب: ٢٣].
(٢) [آل عمران: ١٤٠].

<<  <   >  >>