للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ لِجِبْرِيلَ -عليه السلام-: «مَا لِي لَمْ أَرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا قَطُّ؟ قَالَ: مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ» صَحَّحَهُ الحَاكِمُ (١).

وَأَكْثَرَ القَوْلَ فِيهَا رَسُولُنَا -صلى الله عليه وسلم-؛ نُصْحًا لَنَا، وَشَفَقَةً عَلَيْنَا، وَرَحْمَةً بِنَا، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ»، «حَتَّى لَوْ كَانَ رَجُلٌ كَانَ فِي أَقْصَى السُّوقِ سَمِعَهُ، وَسَمِعَ أَهْلُ السُّوقِ صَوْتَهُ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى وَقَعَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ عَلَى عَاتِقِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ» (٢) رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَهَذَا الإِنْذَارُ الشَّدِيدُ إِنَّمَا كَانَ لِشِدَّةِ عَذَابِهَا وَدَيْمُومَتِهَا؛ فَإِنَّ مَنِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ خَالِدًا فِيهَا لا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَلا يَهْلِكُ فِيهَا، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُ عَذَابُهَا؛ فَعَذَابُهَا مُتَجَدِّدٌ مُنَوَّعٌ، يَزْدَادُ وَلا يَنْقُصُ، وَجُلُودُ المُعَذَّبِينَ فِيهَا كُلَّمَا نَضِجَتْ بُدِّلَتْ، وَالعِلْمُ بِالخُلُودِ فِي العَذَابِ أَشَدُّ مِنَ العَذَابِ، فَإِنَّ المُعَذَّبَ إِذَا رَجَا خَلاصًا مِنْ عَذَابِهِ تَحَمَّلَ العَذَابَ لِمَا يَرْجُو مِنَ النَّجَاةِ، وَالنَّارُ لا يَحْتَمِلُ عَذَابَهَا أَحَدٌ، فَكَيْفَ بِالخُلُودِ فِيهَا، أَجَارَنَا اللهُ تَعَالَى وَوَالِدِينَا وَآلَنَا وَالمُسْلِمِينَ مِنْهَا (٣).

كيف لا؟ «ولَوْ أنَّ قطْرةً» كما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «من الزَّقُّومِ قَطَرَتْ في دار الدُّنْيَا لأفْسَدَتْ على أهلِ الدنيا مَعَايِشَهُمْ» رواه الترمذي وقال حديث حسن


(١) صحيح؛ صححه الألباني في "الصحيحة" (٦/ ٤٢ - ٢٥١١)، أخرجه الحاكم (٢/ ٨٠).
(٢) صحيح؛ صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (٣٦٥٩)، أخرجه أحمد (٣٠/ ٣٤٨ - ١٨٣٩٨).
(٣) من خطبة للدكتور إبراهيم الحقيل بعنوان نار الآخرة.

<<  <   >  >>