للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنَّ الشيخ العقاد توفي سنة ١٢٢٢ هـ، ولم يكمل الدر، فأكمله ابن عابدين مع تلاميذ الشيخ العقاد على الشيخ سعيد الحلبي أكبر التلاميذ سناً وقدراً، ثم قرأ عليه كثيراً من الكتب التي بدأها مع شيخه العقاد، وكتباً أخرى في الفقه الحنفي وغيره من العلوم الآلية حتى برعَ ونضجَ وتمكَّنَ، فاشتغل بالتصنيف والتدريس والإفادة حتى أصبح مرجعَ الفتوى ومحجَّةَ العلماء في العالم الإسلامي.

وكان رحمه الله مغرماً بتصحيح الكتب والكتابة عليها فلا يدَعُ شيئاً من قيد أو اعتراض أو تنبيه أو جواب أو تتمة فائدة إلا ويكتبه على الهامش، ويكتب المطالب، وكانت عنده كتب من سائر العلوم لم يُجمع على منوالها، وكان كثيراً منها بخطِّ يده، ولم يدَع كتاباً منها إلا وعليه كتابته، وكان والده السبب في جمعه هذه الكتب عديمة النظير، فإنه كان يشتري له كل كتاب أراده، ويقول له: ((اشترِ ما بدا لك من الكتب، وأنا أدفعُ لك الثمن فإنك أحييتَ ما أمتُّهُ أنا من سيرةِ سلَفِي، فجزاك الله خيراً يا ولدي)).

كما أعطاه والده كُتُبَ أسلافِه الموجودة عنده من أثرهم الموقوفة على ذراريهم، وكان ابن عابدين رحمه الله تعالى حريصاً على إصلاح الكتب، لا يمرُّ على موضعٍ منها فيه غلط إلا أصلحه وكتبَ عليه ما يناسبه.

<<  <   >  >>