الحجُّ إلى بيت الله الحرام هو الجامعة الكبرى التي ينطوي تحت جناحها جميع كليات وجزئيّات المعاني الحضاريّة، التي أرساها الإسلام في قلب المجتمعات الإنسانيّة.
فالحجُّ وسيلةُ إيضاح تختزل لنا مقاصد الدِّين الإسلاميّ كلهّا؛ ذلك أنَّ العبادات في الإسلام هي منافذ يطل بها العبد على معرفة الخالق جلَّ وعلا، ويمد منها جسور التَّواصل مع ربه، ضمن خريطة عمل رسمت خطواتها المترابطة يد العناية الإلهية، لإبعاد شبح الغفلة والضياع عن قلب المسلم، والمحافظة على هويته الإيمانية؛ لذا فقد اتصفت عبادات المسلمين بالخصوصية والموسمية، وهما الوصفان اللذان يبدوان بقوة في قمة هرم العبادات الإسلامية المسمى فريضة الحج، التي تضم إليها سائر العبادات.
فالصَّلاة مفتاح العلاقة بين العبد وربه، وهي تحضر في الرّكن الخامس بصورة بارزة حتى لكأنَّ الذاهب إلى بيت الله الحرام ذاهب للصَّلاة، كما أنَّ الطَّواف حول البيت صلاةٌ إلَّا أنَّ الله أحلَّ فيه الكلام، فمن تكلّم فلا يليق به أنَّ يتكلم إلَّا بخير.
والصَّلاة في الإسلام ليست مجردَ أدعيةٍ وابتهالاتٍ، كما يظنُّ البعضُ، وكما هو الأمرُ عند أبناءِ الشَّرائع الأخرى، وإنما هي عملٌ حضاريٌّ متكامل له خصوصيته التي تضع بصمتها على الحياة الإسلاميّة للفرد والأمّة بوضوح وعمق.
فالصَّلاة لها شروطُ وجوبٍ من إسلامٍ وعقلٍ وبلوغٍ، وشروط صحّة تسبق أداءها من نحو طهارة، وستر للعورة، ودخولٍ للوقت ...
والصَّلاة لها أركانها وآدابها التي تقارن فعلها من نحو افتتاح بالتكبير، واختتام بالتَّسليم، واستقبال القبلة، وقراءة الفاتحة في القيام، ومن نحو الرّكوع والاعتدال