قال جابر رضي الله عنه:"لسنا ننوي إلَّا الحج لسنا نعرفُ العمرة":
للدخول في عبادة الحج أو العمرة نبدأ من الإحرام، الذي هو ركن لا بد منه في كلا العبادتين؛ لأنه نية الدخول في النُسك، والنية هي الميزان الذي يميز لنا بين العادة والعبادة، فكما أنّ الصلاة لا يدخلها الإنسان إلّا من خلال تكبيرة الإحرام فكذلك الحج لا يدخله الحاج إلّا بنية الإحرام. والإحرام بهذا المعنى شيء، والتجرُّد من ثياب الصنعة شيء آخر، وهما المعنيان اللذان يختلطان في ذهن كثير من الناس، والصحيح أنَّ الإحرامَ هو نية الدخول في نسك الحج أو نسك العمرة تصحبه التلبية التي هي شعار الحاج، ويصحبه التجرد من المخيط والمحيط من الثياب، ويستعيض الحاج عن ذلك بثياب الإحرام البيضاء التي هي من مظاهر الإحرام وتجلياته، وليست هي الإحرام بدليل أنّ المرأة لا ترتدي شيئاً منها، وهو ما سنفصل فيه القول، في موضعه بإذنه تعالى.
والحج إلى بيت الله الحرام يتم الإحرام فيه على أكثر من صورة:
الأولى الإحرامُ مفرداً: والإفراد إحرام المسلم بالحج في أشهر الحج، حتى إذا ما فرغ منه خرج إلى أدنى الحلّ واعتمر.
الثانية الإحرامُ متمتعاً: وهو على عكس الإفراد، أي يحرم المسلم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يتحلل منها، ويتمتع بكل ما حظر عليه بسبب إحرامه بها، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج من داره في مكة.
الثالثة القران: وهي أن يحرم من الميقات بالحج والعمرة جميعاً.
كلام جابر فيه دليلٌ على أن الحج بالإفراد أفضل، وأنه فِعْلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وفيه تصريح