بأنهم ما كانوا يعرفون العمرة في أشهر الحج، بدليل قوله: لسنا نعرف العمرة، لسنا ننوي ـ أي لسنا نقصد ـ إلّا الحج.
وبأفضلية الإفراد قال الشافعي ومالك وكثيرون.
أما أفضلية التمتع فقد ذهب إليها الإمام أحمد.
وأفضلية القران مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان رحمهم الله جميعاً.
إذن اختلف الأئمة الأجلّاء ومن تابعهم في إحرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هل كان مفرداً أو متمتعاً أو قارناً؟ والسبب أنَّ المصطفى عليه السلام كان أول الأمر مفرداً، ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك، وأدخلها على الحج، انتزاعاً منه لعادة جاهلية بالية تحرّمُ العمرة في أشهر الحج، ينتظر معها الحاج دخول صفر فحينئذ يجوز له أداؤها في زعمهم. قال الإمام النووي: بعد أن ساق المذاهب الثلاثة: "والصحيح تفضيل الإفراد"(١)، ثم ساق أدلة الترجيح، وها أنذا أختصرها لك اختصاراً:
أولاً: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بالحج مفرداً، والدليل هي روايات جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة. أما جابر فهو أحسن الصحابة سياقة لحجة الوداع؛ لأنه ذكرها من حين خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر هذه الفريضة، فهو أضبط من غيره.
وأما ابن عمر - رضي الله عنه - فقد صح عنه أنه كان آخذاً بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أَنكر على من رجح قول أنسٍ على قوله، محتجاً بأنه - رضي الله عنه - كان يقف تحت ناقة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يمسه لعابها، وهو يستمع لتلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما ابن عباس - رضي الله عنه - فهو حَبر هذه الأمة، وهو من هو في شهرته في الحفظ والعلم
(١) شرح الإمام النووي على صحيح مسلم كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام ج ٨ ص ٣٠١.