للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأما عائشة رضي الله عنها فقُرْبُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخفى على أحد.

ثانياً: ترجيح الخلفاء الراشدين للإفراد فصلٌ في المسألة، فجميعهم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفردوا الإحرام في الحج، وواظبوا على إفراده، وهم قادة الإسلام، والأئمة الأعلام، الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخيرية، ودعا أُمته إلى الاستنان بهديهم فكيف يليق بهم المواظبة على خلاف فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما الخلاف عن علي - رضي الله عنه - في هذه المسألة إلّا لبيان الجواز وقد ثبت في الصحيح ما يوضح ذلك.

ثالثاً: التمتع والقران يوجب الدم لجبر فوات الميقات، فما لا جبر فيه أفضل.

رابعاً: كراهة عمر وعثمان للتمتع، وكراهة آخرين للتمتع والقران، بينما الإفراد أجمعت الأمة على جوازه من غير كراهة (١).

فإن قيل: كيف اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في صفة حجته - صلى الله عليه وسلم - وهي واحدة؟ ذكر القاضي عياض في معرض جوابه:

"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها، ولو أمر بواحد لكان غيره يظنّ أنه لا يُجزي، فأضيف الجميع إليه، وأخبر كل واحد بما أمره به وأباحه له، ونسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إما لأمره به، وإما لتأويله عليه. وأما إحرامه - صلى الله عليه وسلم - بنفسه فأخذ بالأفضل، فأحرم مفرداً بالحج، وبه تظاهرت الروايات الصحيحة. وأما الروايات بأنه كان متمتعاً فمعناها أمرَ به، وأما الروايات بأنه كان قارناً فإخبارٌ عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه، بل إخبارٌ عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلل من حجهم وقلبه إلى عمرة


(١) هذه الأدلة نقلاً عن النووي في شرحه على صحيح مسلم في الباب والجزء ص ٣٠١ - ٣٠٢.

<<  <   >  >>