للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمخالفة الجاهلية إلّا من كان معه هديٌ، وكان هو - صلى الله عليه وسلم - ومَنْ معه هدْيٌ في آخر إحرامهم قارنين، بمعنى أنهم أدخلوا العمرة على الحج، وفعل ذلك مواساةً لأصحابه وتأنيساً لهم في فعلها في أشهر الحج، لكونها كانت منكرة عندهم في أشهر الحج، ولم يمكنه التحلل معهم بسبب الهدي، واعتذر إليهم بذلك في ترك مواساتهم فصار - صلى الله عليه وسلم - قارناً في آخر أمره" (١).

خلاصة المسألة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم مفرداً، ويبدو أنه وجد كراهة القيام بعمرة من بعض أصحابه انسياقاً منهم لما اعتادت عليه العرب في جاهليتها حيث كانت تمتنع عن العمرة في أشهر الحج وترى فعلها فيها من أفجر الفجور، فأمرهم بفسخ الحج إلى عمره ليخنق تلك العادة إلى الأبد، واستثنى من ساق الهدي معه، وكان - صلى الله عليه وسلم - ممّن ساق الهدي، فأدخل العمرة على الحج، وصار بذلك قارناً، فالقران في الأحاديث إخبارٌ عن حال من كان معه في حجه هديٌ، وقد فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ أي إدخال العمرة على الحج ـ مواساة لأصحابه وتأنيساً لهم في فعلها في أشهر الحج، كما جاء التمتع إخباراً عن حالة من لا هدي معه حيث فسخ حجه إلى عمرة.

قال الإمام النووي في معرض توسعه في هذه المسألة: "قال القاضي: وقد اتفق جمهور العلماء على جواز إدخال الحج على العمرة، وشذ بعض الناس فمنعه، وقال: لايدخل إحرام على إحرام، كما لا تدخل صلاة على صلاة. واختلفوا في إدخال العمرة على الحج فجوزه أصحاب الرأي، وهو قولُ الشافعي لهذه الأحاديث، ومنعه آخرون، وجعلوا هذا خاصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لضرورة الاعتمار حينئذ في أشهر الحج" (٢).


(١) شرح الإمام النووي على صحيح مسلم كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام ج ٨ ص ٣٠٢.
(٢) شرح الإمام محيي الدين يحيى بن شرف النووي على صحيح مسلم ج ٨ ص ٣٠٣.

<<  <   >  >>