ويكفيك أن تعلم أن أمناء الأفواج ووزارات الحج والأوقاف في البلاد العربية والإسلامية وخاصة في المملكة العربية السعودية تستنفر خلال موسم الحج بشكل كامل ومشكور نتمنى له المزيد من التفعيل والتوفيق.
هذه صورٌ إذا ما قورنت بما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فإننا نكاد نجد اختلافاً كبيراً لكنه تباين لا صلة له بجوهر هذا الركن الركين، وإنما تطوير متواصلٌ مسخرٌ في خدمة حقيقة الحج اللؤلؤية، تماماً كما يفعل المجدِّدُ في غرف القصر وشُرُفاته حين يثبتها ويكسوها بحلة جديدة تزيدها إشراقاً دون أن يأتي على أصل البنيان.
هذا هو التجديد الذي يؤديه كلُّ من شرّفه الله بخدمة الركن الخامس بدءاً من أمين الفوج وتوابعه وانتهاءً بالمؤسسات والوزارات التي يرأسها كبار المسؤولين، وهو عين ما يؤديه من قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حقه:
"يبعث الله على كل رأس مائة سنة لهذه الأُمة مَن يجدِّدُ لها أمرَ دينها"[أبو داود: ٤٢٩١].
أما الممارسة فتقوم على الأمانة التي وصف بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحَمَلَةَ المُجَدِّدين حين قال:"يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له"(١).
* * *
(١) هذا الحديث روي مرفوعاً من طريق أبي هريرة وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب وأبي أمامة وجابر بن سمرة وأسنده العقيلي عن أبي هريرة وابن عمرو بن العاص وأرسله غيره، وقال العقيلي: الإسناد أولى. وقال الذهبي: والقوي صحة الحديث كما ذهب إلى ذلك إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل والعلامة الحافظ أبو عمر بن عبد البر. اُنظر الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، ج ١ ص ٢١ للإمام العلامة أبي عبد الله بن الوزير اليماني المتوفى سنة ٨٤٠ هـ.