للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تتبعتُ دليل هذه المسألة فوجدتُ فيها حديثاً أخرجه العلامةُ الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجة في سننه عن عبد الله بن عباس قال: كانت الأنبياء تدخل الحرم مشاة حفاة، ويطوفون بالبيت، ويقضون المناسك حفاة مشاة" (١).

هذه الرواية تحدث عنها الشيخ المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي فقال: "في الزوائد: في إسناده مبارك بن حسان. وهو، وإن وثقه ابن معين، فقد قال النّسائي: ليس بالقويّ. وقال أبو داود: منكر الحديث. وقال ابن حبان في الثقات: يخطئ ويخالف. وقال الأزديُّ: متروك. وإسماعيل ذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات" (٢).

يبدو لي أن الدليل الذي استند إليه الفقهاء في هذه الجزئية ليس مسلّماً أو على الأقل ليس مجمعاً على الأخذ به، وعلى أيِّ حال فالرواية تعطينا صورة صادقة عن مدى القدسية التي يتمتع بها الحرم المكي وهي مسألة محلُّ إجماع الأُمة قاطبة تدعونا أول ما تدعونا إلى مضاعفة المراقبة لله العلي الجبّار ونحن نطأ أرض حرمه، أو نقيم زمناً قصيراً أو طويلاً في بيته، حيث من الواجب أن نترفع عن المعصية والمكروه من الفعال لا أن نسوِّي بين أرض المسجد الحرام والأرض التي قدمنا منها أو مررنا فيها، فهنا الموطنُ الذي حرَّمه الله ولم يحرمه الناس، وقدّسه المولى ولم يبتدئ تقديسه بنو البشر، وهنا البيت الذي يقال إن الأنبياء دخلوه حفاة تواضعاً لله، وتقديراً لحرمة المكان، فهل نكون فيه صخّابين أو مجادلين أو عصاة مخطئين؟ !

أما عن زمن الدخول المفضّل فقد مضى ذكره قبل أسطر وأُضيف هنا بأنه قد ثبت


(١) سنن ابن ماجة برقم ٢٩٣٩.
(٢) تعليق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي على سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٩٨٠.

<<  <   >  >>