للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد أن يجاوز أحدنا الحجر الأسود استلاماً وتقبيلاً ودعاء مستحباً، يلتفت إلى الطواف جاعلاً البيت عن يساره ويستمر في طوافه حتى ينتهي إلى باب الكعبة وهناك يقول: "اللهمّ هذا البيت بيتك، وهذا الحرم حرمك، وهذا الأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار". ثم عند ذكر المقام يشير بعينه إلى مقام إبراهيم عليه السَّلام ويقول: "اللهمّ إن بيتك عظيم، ووجهك كريم، وأنت أرحم الراحمين، فأعذني من النار ومن الشيطان الرجيم، وحرم لحمي ودمي على النار، وآمني من أهوال يوم القيامة، واكفني مؤنة الدنيا والآخرة (١) ".

ويتابع إمامنا النووي قوله: "ثم يَمُرُّ إلى الركن الثاني بعد الأسود، ويُسمّى الركن العراقي":

الطائف حول البيت يمضي في طوافه من باب الكعبة الذي وصله، حتى يبلغ الركن العراقي الذي ينتهي إليه ويقول هناك: "اللهمّ إني أعوذ بك من الشرك والشك والكفر والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في المال والأهل والولد" (٢).


(١) هذا الدعاء المستَحَبُّ ذكره الإمام الغزالي حجة الإسلام في كتابه إحياء علوم الدين في الباب الثاني من كتاب أسرار الحج، وبالتحديد: الجملة الرابعة في الطواف وقد نقله عنه الإمام الرافعي أحد شيخي مذهب الشافعية، وأقرّه عليه. قال الإمام ابن حجر الهيتمي "ونقل الرافعي عن الشيخ أبي حامد أنه يشير عند قوله: وهذا مقام العائذ بك من النار إلى مقام إبراهيم - عليه السلام - وأقره ... " ثم قال: "لكن نقل الأذرعي عن غيره أنه يشير إلى نفسه، واستحسنه، بل قال ابن الصلاح: إنّ الأول غلط فاحش. انتهى. وفيه نظر؛ لأنه إذا استحضر استعاذة خليل الله تعالى حمله ذلك على غاية من الخوف والإجلال والسكينة والوقار، وذلك هو المطلوب في هذا المحل فكان أبلغ وأولى. وأيضاً فتخصيص هذا الدعاء بمقابلة المقام يدلّ على أنه يشير إليه". ص ٢٦٩.
(٢) اُنظر الإحياء للغزالي في نفس الباب والفصل، وأذكر هنا إلى أن قوله: "اللهمّ إني أعوذ بك من الشقاق، والنفاق، وسوء الأخلاق"، أخرجه أبو داود في سننه برقم (١٥٤٦) لكن في كتاب الصلوات، باب في الاستعاذة، وليس في كتاب الحج، أما قوله: "وسوء المنظر، في المال والأهل والولد"، فقد رواه مسلم في صحيحه في أذكار المسافر وليس في أذكار الحج بلفظ: "اللهمّ! إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل .... ". برقم (١٣٤٢/ ٤٢٥)، أقول: لهذا قال العلامة ابن حجر الهيتمي في حاشيته على شرح الإيضاح ص ٢٦٩ إنّ البيهقي أخرج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بما يقال عند العراقي وهو: اللهمّ إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، لكن لم يقيده بحالة الطواف.

<<  <   >  >>