للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندما دخل المسجد الحرام هي استلامه للحجر الأسود، ومنه ابتدأ طوافه الشريف، ثم تابعنا كيف أنّ آخر شيء فعله السيد المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بعد إتمام الطواف وركعتيه هو استلامه الحجر الأسود، ومنه غادر إلى الصفا حيث بدأ رحلة السعي إلى المروة سبعاً، كما لاحظنا كيف شدد الإمام النووي على من يفعل شيئاً بعد الطواف غير ركعتيه والاستلام ونقل ذلك عن الجمهور.

ومما يرد في فضل الحجر الأسود أن جماعة من السلف استحبت استلامه عند الخروج من البيت سواء كان عقب طواف أو لا، وهو ما نقله الزركشي عن ابن عمر وسعيد بن جبير وطاوُس وإبراهيم النَّخَعي وغيرهم (١).

ويكفي في فضله أن ربنا أودعه في محل التشريف والتعظيم من بيته في ركن معهود يُسألُ عنده ربنا فيجيب (٢).

ومما زاده فخراً وتيهاً استلام نبينا عليه السَّلام له بيده المباركة، ولثَمْه له بفمه الشريف، فأيّ كرامة تلك أن تضع يدك حيث وضع سيد الأولين والآخرين يده، وأن تَلْثَمَ بفمك ما مسه من قبلُ الفمُ المبارك لإمام المرسلين وخاتمة أنبياء الله أجمعين بل قبّله في أزمنة خلت سائر الرسل والأنبياء كما جاء في الآثار، ثم قبّله من بعدُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه ساداتنا أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان الحيي وعلي المكرم وسائر الصحابة وأمهات المؤمنين ومن بعدهم جموع من التابعين وتابعيهم وجموع الأولياء


(١) اُنظر إعلام الساجد بأعلام المساجد للعلامة محمد بن عبد الله الزركشي الباب التاسع والستين ص ١٨٣.
(٢) اُنظر فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم - عليه السلام - للباحث سائد بكداش ص ٥١، فيما نقله عن الأزرقي في تاريخ مكة ج ١/ ٣٤١ فيما رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "على الركن اليماني ملكان يؤمّنان على دعاء من مرّ بهما وإنّ على الحجر الأسود ما لا يحصى".

<<  <   >  >>