فاطمة الزهراء زوجته فوجئ بأنها قد حلت من نسكها ولبست صبيغاً، وتزينت بالكحل؛ وكلاهما مما يتنافى مع صفة الإحرام التي يصطبغ بها المحرم في عبوديته لله عز وجل في رحلة الجهاد هذه التي لا يستثنى منها النساء، والتي يرتفع الجميع فيها عن الترف والركون إلى الدعة والراحة.
بيد أن سيدتنا الزهراء ليست من الصنف الذي يقتحم غمار المعصية، ويتجرأ عليها، ويعلم علي كرم الله وجهه منها ذلك لكنها الأمانة التي أنيطت بكل زوج تدفعه لهكذا غَيْرَةٍ، فيسأل ويستفسر عن هذا الذي يراه منها وهي التي دخلت مكة محرمة بالحج إلى بيت الله الحرام، فتخبره بأنها تأتمر بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أمر الصحابة بفسخ الحج إلى عمرة ممن لم يسق الهدي معه. وهنا يندفع مسرعاً إلى رسول البشر قاطبة مستفتياً عن هذا الذي يسمعه من ابنة أمير هذه القافلة - صلى الله عليه وسلم - مغرياً بها عند أبيها بما تنال به العتاب وهو الذي لم يكن يدور في خلده ولا في خلَد غيره من الصحابة الكرام مسألة الفسخ إلى عمرة بعد أن أهلَّ المسلمون من المدينة بالحج.
ويفاجأ هناك في حضرة سيد الخلق يجيبه:"صَدَقَتْ صَدَقَتْ" أي فيما نسبته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من القول.
إن متابعة الأهل ضمن ضوابطِ الشريعة، والتوثق من انضباط الأسرة المسلمة بالأحكام الإسلامية من قبل المختصين الموثقين الذين تلقتهم الأمة بالقبول، وعدم التسرع في إطلاق الأحكام، كل هذا من الفوائد التي تجنيها من مشهد رسمه لقاء لحظة مباركة في مسيرة أسرة مسلمة بطلاها صهر وبنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثمارها ذرية آل البيت الأبرار حملة النور والبر على خُطا سنن الهدى.
الفائدة الثانية: جواز تعليق الإحرام وهو القول الذي ذهب إليه الشافعية في