للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرفة في أنحاء البلاد والأمصار كالشام ومصر والحجاز والعراق وسائر بلاد العرب والإسلام والدنيا - جلس للدعاء وأخذ يذكر الله ويتضرع بين يديه على غرار يوم عرفة تشبهاً بهم علّه ينال من بركات هذا اليوم، وتجليات الله فيه.

هذا العمل محل خلاف الفقهاء قديماً وحديثاً:

فالإمام مالك بن أنس - إمام دار الهجرة، المدينة المنورة - كره ذلك، كما كرهه جماعة من كبار التابعين منهم نافع مولى ابن عمر وإبراهيم النَّخَعي والحكم وحماد وغيرهم. قال الإمام النووي بعد أن ساق ذلك: "وصنف أبو القاضي الطَّرْطوشيُّ المالكيُّ الزاهد كتاباً في البدعِ المنكراتِ وجعل منها هذا التعريف، وبالغ في إنكاره، ونقل أقوال العلماء فيها." (١).

وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يُسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر واجتماعهم للدعاء فقال: "ليس هذا من أمر الناس، وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع".

وروى محمد بن وضاح أن الناس اجتمعوا بعد العصر من يوم عرفة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعون فخرج نافع مولى ابن عمر فقال: "يا أيّها الناس إن الذي أنتم فيه بدعة وليست بسنة. أدركت الناس ولا يصنعون هذا".

وحين استخلف عمر بن عبد العزيز فحضر، فلما كان عرفة صلّى عمر العصر، فلما فرغ انصرف إلى منزله، فلم يخرج إلى المغرب، ولم يقعد للناس (٢).

وعن شعبة قال: "سألت الحكم وحماداً عن اجتماع الناس يوم عرفة في المساجد


(١) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٣٣٢.
(٢) ما نقلته لك عن ابن وهب ومحمد بن وضاح وعمر بن عبد العزيز نقله لنا فضيلة الشيخ قاسم النوري حفظه الله الذي شرفه الله بالاعتناء بكتاب: "تهذيب تحفة الحبيب في شرح نهاية التدريب" للعلامة الفشني ص ٢٠٣.

<<  <   >  >>