للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هنالك، فصار في الظاهر كأنه منهم فلا جرم أن تعبد بالسجود معهم، فيكون الاستثناء - على هذا القول - منقطعا من غير جنس الأول، وهو في القرآن كثير، وهذا القول هو الصحيح لأوجه:

أحدها: أن إبليس له ذرية، لقوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي} (١) والملائكة لا ذرية لهم؛ لأن الذرية لا تكون إلا من ذكر وأنثى، والملائكة ليس فيهم أنثى لقوله: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً} (٢).

الثاني: أنّ الله تعالى أخبر عنه أنه مخلوق من نار والملائكة ليسوا كذلك، لما رواه عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «أنهم مخلوقون من نور» (٣).

الثالث: أنّ الله تعالى قال في صفة الملائكة: {لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ} (٤).

الرابع: أنّ الملائكة رسل الله، لقوله: {جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً} (٥).

والرسول لا يكون كافرا، لقوله: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} (٦).

[٣٥] قوله تعالى: {اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ... }.


= عطية في المحرر الوجيز: ١/ ٢٤٥، والقرطبي في تفسيره: ١/ ٢٩٤ عن شهر بن حوشب. وانظر تفسير ابن كثير: ١/ ١١١.
(١) سورة الكهف. آية: ٥٠.
(٢) سورة الزخرف: آية: ١٩.
(٣) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه: ٤/ ٢٢٩٤، كتاب الزهد والرقائق، «باب في أحاديث متفرقة» بلفظ: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم».
(٤) سورة التحريم: آية: ٦.
(٥) سورة فاطر: آية: ١.
(٦) سورة الأنعام: آية: ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>