وقوله تعالى:{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} أي: أنَّ الله خلق السموات والأرض, وخلق الشمس والقمر والنجوم, وجعلهن مسخراتٍ بأمره, أي: في طلوعهنَّ وغروبهنَّ وحركاتهنَّ, كلُّ ذلك مقدَّرٌ وفق ما يريده الله ويحدِّده.
والله تعالى {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} فالخلق له كلُّه وحده, والأمر له كلُّه وحده. وقوله:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أي: تبارك وتقدَّس, وأصل تبارك تفاعل إذا كثرت بركاته وخيراته.
وبعد أن عرَّفنا ربُّنا - تبارك وتعالى - بنفسه أمرنا أن ندعوه تضرعاً وخفية, وأمرنا أن ندعوه خوفاً وطمعاً, فالدعاء هو العبادة كما صحَّ في الحديث, والله هو الذي يستحقُّ أن يعبد.
وقد أمرنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أن ندعوه تضرُّعاً وخفيةً في قوله:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الأعراف: ٥٥] ومعنى {تَضَرُّعًا} أي: متذللين بخشوعٍ واستكانةٍ, ومعنى. . . {وَخُفْيَةً} أي: سراً وهمساً, ندعوه راجين رحمته خائفين عذابه. والدعاء الذي أمرنا الله به هو العبادة, وقد كان دعاء الصالحين خفيةً, فزكريا عليه السَّلام {نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}[مريم: ٣].
وقوله تعالى:{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فالله لا يحبُّ المعتدين, لا في الدعاء ولا في غيره, ومن الاعتداء في الدعاء رفع الصوت بالدعاء, أو