هذه الآيات مقطع طويل من الآيات، عرَّفنا ربُّنا - تبارك وتعالى - بنفسه فيها عبر النقاط التالية:
١ - خلق الله - تبارك وتعالى السموات والأرض بالحق:
عرَّفنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنَّه {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[النحل: ٣] وعرَّفنا سبحانه وتعالى أنَّه خلق السموات والأرض خلقًا كائنًا بالحقِّ متصفًا به، وقد سبق أن بيَّنت فيما مضى في سورة الحجر أنَّ الحق هو الذي جعل السموات والأرض معبدًا تتجاوب أرجاؤه بالتقديس والتسبيح والتحميد، ويتردَّد فيه الدعاء، وتقام فيه الصلاة، وقد نزَّه الله تعالى نفسه عمَّا يشركون، أي ما يشركونه به من الأوثان والأصنام.
وأخبرنا سبحانه وتعالى أنه {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}[النحل: ٤] أي خلقه، من حيوانٍ منويٍّ ضعيفٍ، فلما نما وكبر وأصبح إنسانًا خاصم ربَّه الذي خلقه، وكذَّبه، وحارب رسله، كما قال عزَّ وجلَّ {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}[يس: ٧٧ - ٧٩].
وقد روى بسر بن جحاشٍ قال: بصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كفه، ثمَّ قال: «يقول الله تعالى: ابن آدم، أنَّى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه؟ حتَّى إذا