أخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى - أنَّ الكفرة المشركين زعموا كاذبين أنَّ الله تعالى اتخذ ولداً, فاليهود قالوا: عزيرٌ ابن الله, والنصارى قالوا: المسيح ابن الله, وعرب الجاهلية, قالوا: الملائكة بنات الله, وقد نزَّه ربُّ العزة نفسه عن الولد بقوله:{سُبْحَانَهُ} وقوله تعالى: {هُوَ الْغَنِيّ} أي: هو الغنيُّ عن الولد, {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي: له كلُّ ما في السموات والأرض فإنَّه مملوكٌ, خاضعٌ له, يسبِّح له, ويدعوه وحده, فأنَّى يكون له ولدٌ سبحانه.
وقوله تعالى:{إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} أي: هل عندكم من دليلٍ وحجَّةٍ وبرهانٍ يدلُّ على أنَّ العزير أو عيسى أو الملائكة أولاد الله تعالى, إنَّ دعواهم دعوى باطلةٌ, لا تقوم على دليلٍ, ولا حجَّةٍ ولا برهانٍ, ولذلك فإنَّ قولهم قولٌ قائمٌ على الجهل {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
وهؤلاء الجهلة الضالُّون الذين يفترون على الله الكذب بنسبتهم الولد إلى الله تعالى لا يفلحون, ولا يفوزون {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}[يونس: ٦٩]. وقد أعلمنا ربُّنا - سبحانه وتعالى - أنَّه سيمتِّع هؤلاء الذين افتروا عليه الكذب متاعاً قليلاً في هذه الحياة, ثم يقبض أرواحهم, ويصيرون إليه, ثم يذيقهم العذاب الشديد بسبب كفرهم وضلالهم {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس: ٧٠].