وَمُسْتَوْدَعَهَا} , أي: يعلم مسارها في النهار, ومأواها في الليل, وقوله: {كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: ٦] فالله - تعالى - يعلم ذلك, وقد كتبه في كتابٍ مبين, أي: في اللوح المحفوظ.
وعرَّفنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧].
هذا العلم الذي حوته هذه الآية من العلم الذي لا يعلمه البشر إلا من قبل الوحي الإلهيِّ الربانيِّ, وقد أعلمنا ربُّنا في هذه الآية أنَّه خلق السموات والأرض في ستة أيامٍ, والله أعلم بمقدار تلك الأيام, وأخبرنا ربنا عزَّ وجلَّ أن عرشه كان على الماء, فالعرش الذي استوى عليه كان مخلوقاً قبل السموات والأرض, وكان هذا العرش على الماء, فالماء كان موجوداً قبل السموات والأرض وقد جاءت عدَّة أحاديث تدلُّ على ما دلَّت عليه الآية, وفيها مزيدٌ من التفصيل, فمن ذلك ما رواه البخاري عن عمران بن حصينٍ - رضي الله عنه - , قال: دخلت على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعقلت ناقتي بالباب, فأتاه ناسٌ من بني تميم, فقال: «اقبلوا البشرى يا بني تميم». قالوا: قد بشَّرتنا فأعطنا - مرتين - ثمَّ دخل عليه ناسٌ من أهل اليمن, فقال: «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميمٍ».
قالوا: قد قبلنا يا رسول الله, قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر, قال: «كان الله ولم يكن شيءٌ غيره, وكان عرشه على الماء, وكتب في الذِّكر كلَّ شيءٍ, وخلق السَّموات والأرض». فنادى منادٍ: ذهبت ناقتك يا بن الحُصين. فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السَّراب, فو الله لوددت أنِّي كنت تركتها.] البخاري: ٣١٩٢].