للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نزَّه الباري - عزَّ وجلَّ - نفسه عن هذه النقيصة الشنيعة، فقال {سُبْحَانَهُ} والتسبيح: التنزيه لله عن كل النقائص والعيوب، وقد ورد في الحديث الصحيح أن نسبة الولد إلى الله مسبة للباري تبارك وتعالى، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله: كذبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، فأمأ تكذيبه إياي، فزعم أني لا أقدر أن أعبده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا» [البخاري: ٤٤٨٢].

وقد أخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى - بعظم جريمة الذين ادعوا هذه الدعوى فقال: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا *

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: ٨٨ - ٩١]، وجاء في الحديث عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ليس أحد، أو ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم ليدعون له ولدًا، وإنه ليعافيهم ويرزقهم» [البخاري: ٦٠٩٩. ومسلم: ٢٨٠٤. واللفظ للبخاري].

رد الله تبارك وتعالى على هذا الزعم الكاذب من الأمم السابقة والمعاصرة، قائلًا: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: ١١٦].

أخبرنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - في رده على من افترى هذه الفرية أنه سبحانه السيد العظيم الذي خلق السموات والأرض وما فيها وما بينها، وهما ملكة يصرفهما كيف يشاء، ومن جملة ما فيهما العزَّيز وعيسى ابن مريم والملائكة وغيرهم مما نسبه الكفار إلى الله، وكل السموات والأرض وما فيها قانت لله،

<<  <   >  >>